قالوا
خلال بدايتها سنة 1996 بأنها كسرت القيود و لفتت نظر المشاهد من الرأي الواحد إلى
الرأي الآخر.
بعد
15 سنة من انطلاقتها، أصبحت الجزيرة هي الممثل الأول للرأي الواحد، الرأي الموجه،
و أصبحنا نرى إلى جانب احترافيتها العالية في العرض و الطرح تمييزا واضحا بين القضايا
التي تملك أولوية البث، و توجيها كبيرا لطريقة العرض و شكله و مضمونه، فكشفت
مستورا و ضخمته، و تغاضت عن مكشوف و صغرته، و إلى جانب هذا سمحت للممنوع بالظهور و
للمقيد أن يتحدث و يصرخ.
بعد
15 سنة من النجاح المتواصل، تزامن ظهور الثورات و الاحتجاجات في الوطن العربي مع
بداية عصر الحجب المتذبذب و المستمر لقناة الجزيرة من طرف الأنظمة التي لا تريد
للرأي الآخر أن يظهر على شاشة القناة المصنفة الأولى بالوطن العربي.
الحجب
و التشويش على القناة التي تسمي نفسها منبر الرأي الآخر، جعلنا نلجأ لقنوات أخرى و
نتحرر من قيود الرأي الآخر الذي فرضته علينا الجزيرة و جعلتنا نؤمن بأنه يكاد يكون
قرآنا منزلا.
الرأي
الآخر الحقيقي هو عبارة عن مجموعة آراء و أطياف مختلفة و إيديولوجيات متنوعة يسمح
لها بالظهور بطريقة منصفة، و ليس مجرد رأي حركة معينة أو سيرا على نهج الدولة
الممولة للقناة.
حجب
قناة الجزيرة و لو مؤقتا، و لو إني ضد الحجب و ضد تقييد حرية التعبير و الإعلام،
إلا أنه سمح للآخرين أن يكتشفوا بأن العربية ليست قناة عبرية، و بأن البي بي سي
ليس هي لندن تتحدث، و بأن الحرة أيضا ليست قناة الشيطان التي تنشر باستمرار الحقد
و الأكاذيب، و توقف عند فرانس24 ليرى رؤية مغايرة تماما و طريقة مغايرة.
سياسة
الحجب الظالمة كان لها فائدة للقنوات الأخرى و للمشاهد نفسه، حيث اكتشف المشاهد
البسيط أنه يمكن له أن يتابع باقي القنوات بدون أن يتغير رأيه إلى مساند للتطبيع
أو عاشق للحلم الأمريكي أو الأوروبي.
لكن
عشاق الصراخ و الشتم على المباشر سيبقون أوفياء لمنبر من لا منبر له، لأنهم لا
يستطيعون الصراخ في قناة أخرى، فالجزيرة تسمح لبعض الحق أن يظهر و يقال على منبرها
و قد يكون حقا محاطا بكثير من الصراخ و السباب كديكور دائم تعتمده القناة الرائدة.
تفوقها
على زميلاتها المتهمات بالجبن و التبعية لا يعني أنها تقول وحيا منزلا في تلك
البرامج المباشرة، لأن الجزيرة في غالب برامجها تقسم الواقع إلى ضيفين اثنين: أبيض
و أسود، على رأي المطربة لطيفة "لكن مش رمادي"، فالجزيرة لا تعترف
باللون الرمادي و لا بالألوان الأخرى، لأن المشاهد البسيط و الغوغاء تعشق مشاهدة
صراع الأبيض و الأسود و كأننا في فيلم رسوم متحركة.
لذلك،
فإن حجب الجزيرة قليلا سمح للريموت كنترول في البيت العربي أن يتحرك قليلا بين
قنوات أخرى كانت ضحية الأحكام المسبقة، فاكتشف المشاهد تعددا و اختلافا في الآراء
كان محروما من متابعته بسبب سلطة الرأي الآخر.
تاريخ نشر المقال أول مرة: 05/03/2011
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire