قبل أن يفتح
أي قارئ فمه بالغيرة على فقراء الجزائر و الدفاع عنهم، أود التنويه أن كاتب هذا
المقال المتواضع لا يقل وطنية عن أي مواطن طبيعي، و أنه رهن حياته خدمة لفقراء
بلده بدون انتظار تزكية أو مديح من أحد، و أن المقال لوم لأولي الأمر و للمسؤولين
و الحكام و ليس للفقراء المجبرين على التجمهر من أجل لقمة عيش يريدونها استثنائية
في شهر الرحمة و البركة.
من خلال صلتي
المباشرة بالميدان، و من خلال مشاركتي أحيانا و ملاحظاتي أحيانا أخرى، أصبحت
بالنسبة لي قفة رمضان التي تتصدق بها الدولة على فقراءها بمثابة صدقة مؤذية تكون
مصحوبة في الغالب عند تسليمها بالإهانة و
التشهير و الصراخ و الخصام و العويل.
في الغالب،
تفشل البلديات في تنظيم عملية توزيع قفة رمضان على مستحقيها، و تفشل قبل ذلك في
ضبط قوائم حقيقية للفقراء الموجودين على تراب كل بلدية، العمل يقوم للأسف بطريقة
غير احترافية أبدا و بسرعة و بتنسيق عشوائي غير منظم مع رؤساء الأحياء و رؤساء
الجمعيات.
كما أن
ازدياد عدد الفقراء في السنوات الأخيرة زاد من صعوبة عملية الضبط و التوزيع، و في
ظل غياب مقياس واضح للفقير في الجزائر، تبقى القائمة مفتوحة دائما و يبقى السؤال
مطروحا باستمرار: من هو الفقير؟
و بين تحديد
الحكومة و الوزارات الوصية للمواطن المعوز و بين المعوز الحقيقي الموجود على أرض
الواقع هناك فرق ملحوظ جدا، فالفقير لا يكون محددا بالوثائق الإدارية فقط، خاصة في
ظل القوانين الظالمة و المعوجة الموجودة، يمكن أن نجد صاحب أملاك غير مصرح بها
مصنفا مع الفقراء بينما العامل البسيط تحرمه وثائقه من الاستفادة من أمور كثيرة
بسبب حيازته على وثائق تثبت أجره و رقم تأمينه الاجتماعي.
مع حلول شهر
رمضان من كل عام، تتكرر مظاهر تجمهر الفقراء على طريقة تجمهر ضحايا المجاعة
الإفريقية أمام شاحنات الإغاثة الدولية، مع أن مساعدة فقراء بلد العزة و الكرامة
لا تتطلب محاكاة المساعدة الدولية لبلدان إفريقيا، لأنه مهما كان الجوع قاسيا في
بلدي فلن يكون مثل قسوة المجاعة الإفريقية، لذلك فالقضية تحتاج تنظيما حقيقيا من
حكام العزة و الكرامة كبارا و صغارا، حتى يحفظوا للفقراء كرامتهم و يتم إعفاءهم من
التصرف كفقراء الدول الجائعة، و لو أن كل جائع معذور في تصرفه حتى لو كان جائعا
أمريكيا أو أوروبيا، إلا أن السماح ببروز مظاهر مثل تلك إلى السطح يدل على عجز
الوزارات الوصية على ذلك و معها عجز السلطات المحلية أيضا، مما يجعلني أتحسر
على أبناء بلدي الذين تاهوا بين خزينة مليئة لم يروا منها إلا الفتات و بين حكومة
عودتهم على التسول و التجمهر على الطريقة الإفريقية.
تاريخ نشر المقال أول مرة: 22/08/2011
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire