jeudi 17 janvier 2019

قفة رمضان تكرس مظاهر الجوع الإفريقي


قبل أن يفتح أي قارئ فمه بالغيرة على فقراء الجزائر و الدفاع عنهم، أود التنويه أن كاتب هذا المقال المتواضع لا يقل وطنية عن أي مواطن طبيعي، و أنه رهن حياته خدمة لفقراء بلده بدون انتظار تزكية أو مديح من أحد، و أن المقال لوم لأولي الأمر و للمسؤولين و الحكام و ليس للفقراء المجبرين على التجمهر من أجل لقمة عيش يريدونها استثنائية في شهر الرحمة و البركة.
من خلال صلتي المباشرة بالميدان، و من خلال مشاركتي أحيانا و ملاحظاتي أحيانا أخرى، أصبحت بالنسبة لي قفة رمضان التي تتصدق بها الدولة على فقراءها بمثابة صدقة مؤذية تكون مصحوبة في الغالب عند تسليمها بالإهانة  و التشهير و الصراخ و الخصام و العويل.
في الغالب، تفشل البلديات في تنظيم عملية توزيع قفة رمضان على مستحقيها، و تفشل قبل ذلك في ضبط قوائم حقيقية للفقراء الموجودين على تراب كل بلدية، العمل يقوم للأسف بطريقة غير احترافية أبدا و بسرعة و بتنسيق عشوائي غير منظم مع رؤساء الأحياء و رؤساء الجمعيات.
كما أن ازدياد عدد الفقراء في السنوات الأخيرة زاد من صعوبة عملية الضبط و التوزيع، و في ظل غياب مقياس واضح للفقير في الجزائر، تبقى القائمة مفتوحة دائما و يبقى السؤال مطروحا باستمرار: من هو الفقير؟
و بين تحديد الحكومة و الوزارات الوصية للمواطن المعوز و بين المعوز الحقيقي الموجود على أرض الواقع هناك فرق ملحوظ جدا، فالفقير لا يكون محددا بالوثائق الإدارية فقط، خاصة في ظل القوانين الظالمة و المعوجة الموجودة، يمكن أن نجد صاحب أملاك غير مصرح بها مصنفا مع الفقراء بينما العامل البسيط تحرمه وثائقه من الاستفادة من أمور كثيرة بسبب حيازته على وثائق تثبت أجره و رقم تأمينه الاجتماعي.
مع حلول شهر رمضان من كل عام، تتكرر مظاهر تجمهر الفقراء على طريقة تجمهر ضحايا المجاعة الإفريقية أمام شاحنات الإغاثة الدولية، مع أن مساعدة فقراء بلد العزة و الكرامة لا تتطلب محاكاة المساعدة الدولية لبلدان إفريقيا، لأنه مهما كان الجوع قاسيا في بلدي فلن يكون مثل قسوة المجاعة الإفريقية، لذلك فالقضية تحتاج تنظيما حقيقيا من حكام العزة و الكرامة كبارا و صغارا، حتى يحفظوا للفقراء كرامتهم و يتم إعفاءهم من التصرف كفقراء الدول الجائعة، و لو أن كل جائع معذور في تصرفه حتى لو كان جائعا أمريكيا أو أوروبيا، إلا أن السماح ببروز مظاهر مثل تلك إلى السطح يدل على عجز الوزارات الوصية على ذلك و معها عجز السلطات المحلية أيضا، مما يجعلني أتحسر على أبناء بلدي الذين تاهوا بين خزينة مليئة لم يروا منها إلا الفتات و بين حكومة عودتهم على التسول و التجمهر على الطريقة الإفريقية.

تاريخ نشر المقال أول مرة: 22/08/2011

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire