jeudi 17 janvier 2019

العنصرية في فننا ... و في دمنا


تزدحم الأعمال الفنية الحالية على اختلاف مصادرها و أنواعها بكم كبير و مثير للإعجاب من القيم الإنسانية التي تدغدغ المشاعر و تستفز الدموع، قيم عالمية جميلة تتفق عليها أغلب الأديان و الاتفاقيات الدولية و قوانين العالم.
الظاهر في الأعمال الفنية الحالية سواء دراما تلفزيونية أو أفلام سنيمائية و حتى كارتونية، أن الحياة هي حق للجميع، و الحب متوفر لكل مخلوق مهما كان شكله و لونه و أصله.
المتعارف عليه حاليا في الأعمال الفنية أن العنصرية مرفوضة مهما كان نوعها، و ممنوع توجيهها أو التلميح لها في تلك الأعمال ضد أي شخص أو فئة أو عرق أو بلد معين.
المتداول حاليا بالفن، هو رفض العنصرية ضد السود و المرأة و اليهود و المسلمين و الديانات و الأعراق، لكن بالمقابل لا يزال الفن يسخر بصورة صريحة أو مخفية، عن قصد و عن غير قصد، من فئات كثيرة بعضها يصنف مع المعاقين و ذوي الاحتياجات الخاصة.
كم مرة تتكرر أمامنا مشاهد كوميدية مضحكة هي في واقع الأمر سخرية و استهزاء من إنسان عاجز أو فاقد لشيء معين في جسمه أو محيطه.
لا زلنا نرى بطل الفيلم وسيم و صديقه أحول، و بطلة الفيلم حسناء رشيقة و صديقتها سمينة مجعدة الشعر، أو ربما أخت البطل قصيرة متواضعة الجمال.
لا زلنا نرى بالأفلام و المسلسلات العربية و الأمريكية و الهندية و اللاتينية و التركية أن الشخص السمين مثير للضحك و يستحق السخرية، و ربما هذه النقطة هي العامل المشترك في تلك الأعمال الفنية على اختلاف نوعيتها و جودتها.
عامل آخر مشترك بينها، أن صاحب (ة) النظارة الذي يعاني من ضعف في النظر هو بالضرورة إنسان مضحك أو غير جدير بالحب، أو جبان أو غبي..... و غيرها من الصفات التي يصر صناع الأفلام أو كتاب السيناريوهات و القصص على السخرية منها، و يؤكدون على أن البطل يجب أن يتحلى بنموذج محدد من اللباس و الجسم أو الوجه حتى يكون جديرا بالنجاح في الحب و في نواحي أخرى حسب موضوع الفيلم المعروض.
ربما لا تزال أمامنا أشواط طويلة و كبيرة جدا حتى نتخلى عن العنصرية بكل صورها، أتحدث بضمير المتكلم لأننا كمتابعون لتلك الأعمال مسؤولون عن استمرارية الأفكار التي تحتويها.

تاريخ نشر المقال أول مرة:  07/04/2018

عودة سريديفي.... English Vinglish


مثل كل الأفلام الهندية، الزوجة و الأم لا تكون أبدا خائنة و لا تستمر أبدا في عشقها لرجل غير زوجها. تقديس العلاقة الزوجية في أفلام بوليود يفوق حتى الموجود في السينما و الدراما العربية. و لا داعي للحديث عن هذه القضية في الفن التركي و المكسيكي أو البرازيلي و الأرجنتيني. حيث تتعاطف غصبا عنك مع البطل الخائن الذي يعشق زوجة عمه، أو مع الصديق الخائن الذي نام مع زوجة أعز أصدقائه و أنجب منها طفلا.
فيلم " English Vinglish" الذي سجل عودة نجمة الثمانينات "سريديفي" كان تأكيدا آخر و ليس أخيرا لقداسة الرابطة الزوجية في السينما الهندية، و هو تأكيد أيضا لثوابت لا تتغير في سينما عمرها أكثر من 100 عام، مهما اختلفت طبيعة و نوعية الفيلم المنتج سواء درامي أو أكشن أو رومانسي، القاسم المشترك بينها جميعا هو تعظيم الأم، الزوجة، الأرض، العائلة.
و لست هنا بصدد التطرق للفارق الهائل الموجود بين القيم التي تروج لها بوليود و بين القيم الحقيقية السائدة في المجتمع الهندي الحقيقي، و لست بصدد الدفاع عن سينما لا يزال الكثير يسخر منها رغم أنها أصبحت عالمية و أكثر إتقانا و احترافا.
الفيلم الذي عادت به "سريديفي" سنة 2012 بعد غياب طويل، تم تصويره في الولايات المتحدة الأمريكية، من إخراج "غوري شيندي"، و تدور قصته حول ربة منزل هندية تقليدية و مطيعة جدا، تسافر لأمريكا لحضور زفاف إحدى قريباتها، فتقرر التسجيل في دورة لتعليم اللغة الانجليزية، و خلالها تتعرف إلى زميل لها هو شاب فرنسي يصغرها سنا يقع في غرامها، و لكنها تقاوم انجرافها نحوه و بكل هدوء تتمسك بزوجها و ولديها مثلما تبقى متمسكة و مصرة على إتمام فترة تدريبها و تعلمها الانجليزية.
ما أعجبني في قصة الفيلم، هو أنه رغم إدانته للقهر الذي تعيشه المرأة الهندية التقليدية، و رغم إبرازه للضغوط الاجتماعية و النفسية المسلطة عليها بسبب كثرة الالتزامات، إلا أنه لم يجعل كل هذا مبررا للخيانة.
السينما الهندية حالمة أكثر منها واقعية، هي سينما خيالية في أغلبها، لذلك و حسب رأيي البسيط، هي ليست بحاجة لأبطال سيئين يبررون الخيانة و السرقة والقتل و كل ما هو سيء.
في الواقع، كلنا نعلم أن كل الناس تخطئ، حتى الأمهات هناك الخائنة التي تتخلى عن زوجها و أولادها، سواء بسبب ظلم الزوج و المجتمع أو لأسباب أخرى، لكن في السينما الهندية لا يوجد هذا النموذج من الأمهات.

تاريخ نشر المقال أول مرة:  18/10/2013

السوسيال في زمن التقشف (العلاج في زمن التقشف)


لا أدري بالتحديد أين سيصل طريق التقشف هذا الذي أعلنوا عنه بالجزائر منذ قرابة السنتين أو أكثر؟ لكن المؤكد و الواضح أن المتضرر الأكبر و المباشر هم عامة الشعب و معهم العمال الاجتماعيون و نشطاء الجمعيات الخيرية.
و الضرر أصاب خاصة الجانب العلاجي و صحة المواطن البسيط، الجزائري لا يموت من الجوع حاليا، لكنه قد يموت بسبب عدم القدرة على العلاج، في الغالب هو موت بطيء، لكنه في الأخير نتيجة مقرفة للتقشف المتبع.
نحن مطالبون كل يوم بالاعتذار لكل واحد يلجأ إلينا من الفئات المحرومة، مطالبون بإقناع كل مريض أو معاق أن ميزانية الدولة لم تعد كافية للتكفل بهم، و للأسف ما نلقاه من السب و الشتم بسبب هذا ليس بالشيء القليل.
نحن نلام لوما كبيرا و مستمرا على عدم توفر مناصب مالية جديدة لمنح المرضى المزمنين و المسنين و بقية الفئات المحرومة، السوسيال في الجزائر متعب حتى في زمن البحبوحة المادية التي كانوا يتحدثون عنها، أما الآن في زمن التشقف فهو عمل شبه قاتل.
أتحدث بغصة العامل الاجتماعي الذي يلام يوميا على إقامة وزارة الثقافة للمهرجانات و استقدام الفنانين بينما المواطن البسيط يرى ابنه المصاب بنقص هرمونات النمو مهددا بأن يصبح قزما لأن ميزانية وزارة التضامن و وكالة التنمية الاجتماعية لا تكفي لدعم ابنه و من هم مثله.
يقال لي أحيانا لماذا تستقدمون نانسي عجرم و نجوى كرم و أولادنا محرومون من المنح الخاصة بهم، و كأنني و زملائي المسؤولون عن فعل ذلك، المواطن الغاضب و الناقم على الحياة و على الدولة يخلط الأمور خلال لومه و لا يرى أمامه إلا الموظف أو الناشط الذي يصب عليه كل انواع الغضب و الشتم و التهديد أحيانا.
المريض المصاب بالسكري أو ضغط الدم و العاجز عن العلاج، أصبح ينتظر مصيره مع الوقت لكي يصاب بالقصور الكلوي أو العمى أو الإعاقة الحركية أو أي مضاعافت أخرى بسبب عدم القدرة على العلاج أو بسبب توفر الدواء حينا و غيابه أحيانا كثيرة.
نحن عنيفون بطبعنا حتى قبل التقشف، فكيف سنصبح الآن مع كل هذا الغليان؟

تاريخ نشر المقال أول مرة: 01/10/2017

خواطرٌ لا تنتهي


مع بداية الحلقة الأولى من برنامج خواطر لهذا الموسم، أعلن مقدمه أحمد الشقيري أنه سيكون الموسم الـ 11 و الأخير، قرار فاجئني كما فاجئ الكثير من المتابعين للبرنامج المتميز الذي استمر لسنوات قدم فيها الكثير من الأفكار المألوفة و الجديدة و المشترك بينها أنها أفكار تعجبنا و لا يطبقها أغلبنا في حياته، و بعبارة أخرى هي أفكار نحتاجها خاصة في عالمنا العربي و الإسلامي، بعضها لا يتطلب إلا مجرد صدق النية و العزيمة من المواطن البسيط، و بعضها الآخر يلزمه تدخل الدولة و تعديل القوانين و تنفيذ المراسيم.
البرنامج كغيره من المواد الإعلامية المعروضة و كأي شيء على هذه الأرض، يلقى من النقد مثل ما يلقى من القبول و التشجيع، و إن كنت أنتمي للفئة الثانية، المعجبة بالبرنامج و التي كانت تتمنى أن لا يتوقف عند هذا الحد، إلا أني مع نهاية كل حلقة أقول لنفسي: لماذا لم يتطرق لهذا الجانب من الموضوع؟ لماذا تم تناوله بسرعة، ربما الفكرة تتطلب أكثر من حلقة؟ خاصة في الحلقات التي تمس ميدان عملي و نشاطي، و أظنها هي الغالبة على مجموع الأفكار و المواضيع المعروضة خلال كل المواسم.
احتل العمل الخيري الجزء الأكبر من عدد حلقات برنامج خواطر، و لغاية الموسم الأخير، استمر أحمد الشقيري في دغدغة مشاعرنا و استفزاز الدموع في أعيننا، و تذكيرنا بمواقف كثيرة تمر معنا خلال عملنا الاجتماعي، و أفكار ربما تم تطبيقها عندنا و عرضت كنماذج ناجحة ببرنامجه المتميز، أو ربما تم تطبيقها بدول و أماكن الفقر المدقع و العوز القاتل حيث أحلم أنا و زملائي بالوصول إليها لكن الغرق وسط العوز المحلي و الاحتياجات الجوارية، إضافة لأسباب أخرى نكتفي بالمشاهدة و التعاطف مع كل محروم عرضت حالته بالبرنامج.
هي خواطر مشتتة عن برنامج شدني لمتابعته على مدى سنوات متتالية، و أكيد هي ليست خواطري الوحيدة عنه، أتمنى أن نتابع الشقيري في برنامج آخر لا نستطيع التنبؤ بفكرته، و الأهم أن لا تغدو أفكار برنامج خواطر  المكون من 11 موسما مجرد مادة إعلامية مسجلة باليوتوب، و أن لا نكون ممن يستمعون لأحسن القول فلا يتبعونه.

تاريخ نشر المقال أول مرة: 04/07/2015

لا ندري أين تذهب هذه الأيام؟ (اعترافات فايسبوكية 5)


لا ندري أين تذهب هذه الأيام؟ عبارة قالتها الإعلامية المتخصصة في الاقتصاد "صبا عودة" خلال تقديمها لأخبار أسواق الخليج على قناة العربية، عبارة تركت في نفسي تأثيرا كبيرا و شعورا غريبا، و إحساسا عميقا بأهمية السؤال و دلالته الكبيرة.
صبا عودة طرحت تساؤلها هذا بعفوية و بسرعة خلال تقديمها المختصر جدا لأخبار السوق، و قد جاء بالضبط في سياق حديثها عن تتالي الأيام و مرور الوقت بسرعة، حيث ما إن تفتح الأسواق و يبدأ اليوم الأول من الأسبوع، حتى تتوالى الأيام بسرعة  لنجد أنفسنا نتابع صبا أو إحدى زميلاتها و هن يقدمن لنا أخبار البورصات في آخر يوم من الأسبوع.
التساؤل العفوي و السريع الذي طرحته مذيعة الاقتصاد بالعربية أتذكره لغاية يومنا هذا رغم مرور أكثر من 03 سنوات عليه.
جعلني أفكر و أفكر، و أشعر فعلا بأن العمر يسرق منا، و كما يقول الحسن البصري "إنما أنت أيام، إن ذهب بعضك ذهب كلك".
تساؤل يجر معه تساؤلات كثيرة.
إلى أين نحن ذاهبون؟ ماذا ينتظرنا؟ ماذا فعلنا؟ و ماذا لم نفعل؟ و ماذا يجب أن نفعل؟
هل كنا كما يجب أن نكون؟ هل كانت اختياراتنا مناسبة؟ هل كانت قراراتنا صائبة؟ و هل ما تبقى لنا يسمح لنا باستدراك ما فات؟
هل عشنا كما يجب أن نعيش؟ هل أخذنا نصيبنا من الحب؟ هل أعطينا الآخرين ما يستحقون من الحب؟
لا ندري أين تذهب هذه الأيام؟
السؤال لا يطرح من أجل الإجابة عليه لأنها أصلا واضحة و بسيطة.
السؤال هو إقرار و تأكيد على أن العمر يمر بسرعة و كل ساعات و دقائق الحياة لا تكفينا.
هو تأكيد على خوفنا من الآتي الذي لا نعلمه، و من الحاضر الذي لا نتحكم في كل عناصره، و في الماضي الذي من المستحيل العودة إليه رغم كل الحماقات و الأخطاء التي اقترفنها.
في الماضي نملك الحماس بدون وعي، و بعد النضج نملك الوعي بدون حماس، أو بالأحرى بدون طاقة.

تاريخ نشر المقال أول مرة: 04/01/2010