jeudi 19 août 2021

فــرح خــان، مخرجة المسالا… عندما تتحول مصممة الرقص إلى الإخراج








 

فرح خان، هي مصممة رقصات شهيرة في الهند، قامت بعمل الكوريغرافيا  لأكثر من 100 فيلم هندي طيلة مشوارها الفني و لغاية يومنا هذا، كثير من الاستعراضات التي صممتها تعتبر اليوم أيقونات و نماذج ملهمة للكثير من الراقصين و المصممين.

شاركت في تمثيل بعض الأفلام في أدوار ثانوية، و أغلب مشاركتها كانت شرفية و عابرة.

أما لما انتقلت للإخراج، فقد تركت بصمة قوية في صناعة السينما الهندية  (بوليود فقط، هي لم تعمل مع سينما الجنوب الهندي)، رغم أنها لم تخرج إلا 4 أفلام لحد الآن.

لدى فرح خان رؤية إخراجية خاصة بها، تميزت بها أفلامها، عن باقي أفلام المخرجين الكبار الذين تعرفهم بوليود، و ليس من السهل الانتقال من تصميم الاستعراضات إلى الإخراج.

سنة 2004 لما سمعت بأنها هي مخرجة فيلم شاروخان الجديد Main Hoon Na  استغربت، كيف لمصممة رقصات تتحول إلى مخرجة؟ و كان عندي فضول كبير أن أتابع الفيلم لكي أرى كيف سيكون فيلم تخرجه مصممة استعراضات.

الفيلم كان جميلا، و ناجحا، يصنف على أنه مسالا هندية، يعني فيلم رومانسي استعراضي كوميدي درامي أكشن، فيه من كل شيء، خليط مثل التوابل الهندية، و هذا النوع من الأفلام رغم أنه شائع كثيرا في بوليود و حتى في سينمات الجنوب الهندي، إلا أن نجاحه غير مضمون، مثل الطبخ تماما، يجب أن يعرف المخرج متى يستخدم كل تلك التوابل بما يتناسق مع الفكرة الرئيسية للفيلم و دون التأثير عليها، و هذه الفكرة الرئيسية هي من تحدد السمة الغالبة على الفيلم، و باقي السمات تكون للمساعدة و يتم توزيعها على السيناريو دون الإخلال بأي شيء، و هو تماما ما نجحت في عمله فرح خان في أول أفلامها، الذي شاركت فيه ملكة جمال الكون لسنة 1994 سوشميتا سن مع شاروخان و سونيل شيتي في دور الشرير، و الممثلين المبتدئين آنذاك: زياد خان و أمريتا راو.

شاركت فرح في كتابة قصة فيلمها الأول مع مؤلفين آخرين، و قامت بتصميم رقصاته رفقة زميلتها Geeta Kapur، بينما الإنتاج كان لزوجة شاروخان، غوري خان.

الفيلم لقي استحسان الجمهور و النقاد، و نال بعض الجوائز، كما حقق نجاحا في الإيرادات.

فيلمها الثاني، كان مميزا و ناجحا أيضا، درامي رومانسي مطعم بقليل من الكوميديا، كتبت قصته فرح نفسها، و البطولة كانت لشاروخان دائما و من إنتاج زوجته أيضا، Om Shanti Om الذي تم إنتاجه سنة 2007، بميزانية أقل من فيلم فرح خان الأول، يمكن تصنيفه أيضا مع المسالا السينمائية، حيث و كما يبدو، أن فرح خان تجيد إخراج هذا النوع من الأفلام، و تجيد مزج كل شيء مع بعضه.

و فعلا، الفيلم ترشح للكثير من الجوائز، و نال البعض منها في المهرجانات السينمائية الهندية.

و نظرا لعلاقة فرح خان و شاروخان الجيدة مع الوسط الفني بالهند، تمت الإستعانة في إحدى الاستعراضات بأكثر من 30 نجما و نجمة كضيوف شرف في أغنية: Deewangi Deewangi، التي تم تصميم استعراضها بطريقة مبهجة و مميزة من طرف فرح خان، مثل باقي أغاني و رقصات الفيلم التي كانت فيها الكوريغرافيا متقنة جدا.

المتابعون لبوليود، يعلمون أن فيلم Om Shanti Om من أجمل الأفلام الهندية و أنجحها، من الأفلام التي يحبها جمهور شاروخان، و هو أول فيلم بوليودي مثلته النجمة ديبيكا باديكون، و كان بداية موفقة جدا لها.

سنة 2010، قامت فرح بإخراج فيلم جريمة في قالب كوميدي، لم ينتشر كثيرا بين محبي السينما الهندية، و نجاحه المادي كان متواضعا، لم يكن حظه مثل الفيلمين السابقين لفرح خان، و هذه المرة ليست هي من كتبت القصة، بل اكتفت بالإخراج و تصميم الرقصات فقط رفقة مصممين آخرين، الإنتاج كان لـ Twinkle Khanna زوجة بطل الفيلم أكشاي كومار،و لكنه إنتاج مشترك مع منتجين آخرين، و البطولة لرفيقة أكشاي كومار في الأفلام كاترينا كييف، و اختيار أكشاي لم يكن صدفة، فهو ممثل يجيد الأدوار الكوميدية رفقة الأكشن، و من المعتاد أن يمزج في أفلامه بين الكوميديا و الرومانسية و الأكشن، و هو ما قامت به فرح خان في فيلمها الثالث هذا.

أما فيلمها الرابع و الأخير، فكان ناجحا جدا و مميزا، هي من كتبت قصته، و تعاونت فيه مرة أخرى مع النجم شاروخان للمرة الثالثة، و للمرة الثانية مع ديبيكا باديكون بعد أن أصبحت من أهم نجمات الهند، فيلم Happy New Year المنتج سنة 2014، من طرف زوجة شاروخان غوري خان، و يبدو أن فريق العمل هذا (المخرجة المؤلفة، المنتجة، الممثل و الممثلة) هم المعادلة الذهبية لنجاح أفلام فرح خان.

في هذا الفيلم، استمرت فرح خان في إخراج النوع الذي برعت فيه، المسالا التي تخلط بين الكوميديا و الاستعراض و الرومانسية و الأكشن.

استعراضات الفيلم مميزة جدا، قامت بتصميمها فرح خان مع زميلتها Geeta Kapur، و فكرة الفيلم أصلا تدور حول فريق من الأصدقاء يتنكرون للمشاركة في مسابقة رقص عالمية للتمكن من سرقة جوهرة ثمينة و استرجاعها من الشرير في الفيلم.

الفيلم ، إضافة للسمات التي تم خلطها ببعضها لإنجاز القصة و إنجاحها، يلعب على وتر الوطنية و التعلق بالأرض و الهند، و التضحية بالطموحات الشخصية للحفاظ على سمعة الوطن و على علم الهند مرفوعا دائما.

و الأرض و الوطن و الأم و العائلة، هي من المقدسات و الثوابت في السينما الهندية منذ ظهورها، لحد يومنا هذا، و فرح خان عرفت جيدا كيف تستغل هذه الثوابت لإنجاح فيلمها الأخير.

الفيلم بطولة نخبة من نجوم الهند، مع أن التركيز الكبير كان على شاروخان و ديبيكا باديكون، لكن الجانب الكوميدي في الفيلم كان يتطلب إسناد أدوار لـ: أبهيشيك باتشان، و Sonu Sood  و Boman Irani ، و في دور الشرير كان المخضرم جاكي شروف هو الأنسب.

في الوقت الحالي فرح خان مكتفية بالعمل كمصممة استعراضات في بوليود، و أحيانا قليلة كمنتجة، و أصبح الطلب عليها متزايدا للتحكيم في برامج الرقص في التلفزيونات الهندية، حيث و بعد وفاة رائدة الكوريغرافيا الهندية ساروج خان سنة 2020، أصبحت الآن فرح خان هي أكثر مصممة محترفة في اختصاصها.

لا أعلم سبب عدم إقدامها على الإخراج مرة أخرى، رغم أن أفلامها الأربعة أثبت أن فرح خان تجيد كثيرا إنجاز أفلام المسالا البوليودية، و أنها بقدر ما هي مبدعة في تصميم الرقصات و الاستعراضات المتنوعة، هي مبدعة كمخرجة أيضا في مزج التوابل السينمائية الهندية مع بعضها البعض.

تاريخ النشر أول مرة: جريدة الدستور العراقية - العدد: 5046/ يوم 19 أوت 2021

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire