المعروف في
الوسط الفني السينمائي الهندي، أن العمر المهني لبطلة الأفلام الهندية قصير مقارنة
بالأوساط الفنية الأخرى في العالم، سواء في بوليود أو في سينمات الجنوب الهندي،
عمر الممثلة التي تلعب أدوار البطولة في الأفلام شبيه بالعمر المهني لعارضات
الأزياء، أو ربما يزيد عنه بسنوات قليلة.
من سن
العشرين لغاية بداية الثلاثينات، هذا هو العمر الذهبي لبطلة الفيلم الهندي، و هي
الفترة التي يجب أن تحقق فيها نجاحها و تقدم أحسن ما عندها.
طبيعة
الأفلام الهندية هي التي فرضت هذا الأمر، و جعلته تقليدا متبعا منذ ظهور السينما
في الهند، حيث كانت أغلب الأفلام غنائية استعراضية رومانسية، أو مليودراما و أكشن
مطعمة بكثير من الغناء و الرقص و علاقات الحب، لذلك كان دور البطلة يتطلب دائما
شابة صغيرة و جميلة، تتقن الرقص التقليدي و العصري، و تتقن حركات الرقص مع أغاني
البلاي باك، التي تكون بأصوات مطربات لا يظهرن في الفيلم.
بالنسبة لدور
البطل، يتطلب شابا نعم، لكن العمر المهني للممثل البطل في الهند أطول من عمر
الممثلة البطلة، ربما لأن التقدم في السن لا يظهر مبكرا عند الرجل و أصلا لا يشترط
عليه الجمال كثيرا بقدر ما تشترط ربما اللياقة البدنية.
و تاريخ
السينما الهندية به الكثير من الأمثلة لممثلات لم يتجاوز عمرهن المهني أكثر من 5
او 10 سنوات كأكبر تقدير، بسبب التقليد المتبع عند صناع السينما عندهم، و بسبب
الزواج و إنجاب الأولاد، و هو عامل يعتبر بمثابة تقاعد مبكر لأي ممثلة هندية مهما
كانت شهيرة و مؤثرة.
لكن، حاليا،
الوضع تغير قليلا، لم تكسر بوليود و سينمات الهند القاعدة المتبعة، لكن أصبحت هناك
مساحة صغيرة لتتحرك فيها النجمات اللواتي وصلن لما بعد الأربعين، ليس كلهن، بل
النجمات ذوات الجمال المستمر مثل أيشواريا راي، و ذوات الموهبة الكبيرة، مثل
كاجول، راني موخرجي، و طبعا مادهوري ديكسيت التي تجازوت الخمسين من عمرها.
العالم
يتغير، في السنوات الأخيرة قبل جائحة كورونا و بعدها، تغيرت معادلات الربح و
الخسارة في الإنتاجات و العروض السينمائية العالمية، و دخلت منصات و مواقع
إلكترونية بقوة لميدان الإنتاج و التوزيع و البث، مثل نتفليكس، و بسبب المنافسة
القاتلة و المستمرة تنوعت أفكار الأعمال الفنية و تطورت، و أصبح السباق حول من
يبتكر أغرب فكرة، سواء في الأفلام أو في الدراما التلفزيونية، أصبح المنتجون شبه
مهووسين بالأفكار الجديدة جدا و الأكثر غرابة.
هذا التغيير،
كان له تأثير على بوليود و الإنتاج الفني الهندي سواء السينمائي أو التلفزيوني،
مثلها مثل كل باقي الإنتاجات العالمية، مما خلق فرصا للنجمات المسيطرات سابقا و
اللواتي بلغن الأربعين و أكثر، رغم أن أغلبهن منشغلات بالعائلة و الأنشطة
الاجتماعية أكثر، لكن بإمكانهن لعب أدوار البطولة كما في السابق، على الأقل فيلم
واحد في السنة، لكن مع اختلاف في نوعية و طبيعة الأفلام و القصص التي يمثلونها.
مثلا، كاجول
في فيلم Tribhanga سنة 2021، مثلت دورا مختلفا عن المعتاد طيلة مشوارها الفني، دور
أم لفتاة متزوجة، و كانت كاجول هي البطلة الرئيسية، مع أن المعتاد و الغالب في
بوليود دور الأم بهذه الطريقة يكون دورا مساعدا أو ثانويا.
أيشواريا راي في
أفلام مثل: Fanney
Khan سنة 2018، Ae Dil Hai Mushkil سنة 2016، Jazbaa سنة
2015، و أيشواريا مقبلة سنة 2022 و 2023 على تمثيل بطولة فيلم تاميلي تاريخي ملحمي
من جزئين.
ماهدوري ديكسيت في فيلم: Kalank سنة
2019.
راني موخرجي في أفلام مثل: Hichki سنة 2018، Mardaani 2 سنة 2019، Bunty Aur Babli 2 سنة 2021، و في برنامج
أعمالها لعب بطولة فيلم آخر سنة 2022.
هؤلاء الأربع ممثلات
اللواتي تجاوزن الأربعين، هن من أهم البطلات اللواتي صنعن مجد بوليود منذ
التسعينات لغاية يومنا هذا، كن و لازلن ناجحات جدا و مؤثرات، لذلك استمراريتهن تعتبر
إضافة لبوليود مع أدوار تناسب أعمارهن، خاصة مع أزمة عدم وجود نجمات لافتات من
الجيل الجديد، رغم أن أغلبهن مدعومات، لكن بقي وهج النجمات القديمات يغطي عليهن،
أو بالأحرى موهبتهن و أعمالهن الناجحة السابقة تجعل المقارنة صعبة جدا.
تاريخ النشر أول مرة: 11 نوفمبر 2021 / جريدة الدستور العراقية/ العدد: 5118
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire