samedi 28 août 2021

مسرحية كوكو شانيل.. عودة ملكة الاستعراض .. بين التعظيم و النقد الموضوعي








 

لا أدري هل أكتب هذا المقال كواحد من المعجبين الأوائل بالفنانة الكبيرة شريهان، أو ككاتب مقالات فنية يجب أن يتقيد بالموضوعية و الحياد عند التحليل و النقد؟

السؤال الأول الذي طرحته على نفسي و بحثت عنه، لماذا كوكو شانيل بالذات؟

النساء المؤثرات كثيرات، و في كل الميادين، و منهن العربيات و من جنسيات أخرى.

كثيرون يحسبون أن كوكو شانيل كانت صديقة شريهان، كوكو شانيل توفيت سنة 1971 لما كان عمر شريهان 7 سنوات، لكن شريهان فيما بعد، لما دخلت عالم الفن و الاستعراض أصبحت زبونة دائمة و مميزة لدار شانيل، لذلك ارتبطت بطريقة مباشرة بماركة كوكو شانيل و غير مباشرة بمؤسسة الدار "غابريال شاسنال" المعروفة بكوكو شانيل، تأثرت بقصة حياتها و تفاصيلها.

المعروف عن شريهان أنها كان تختار أزياء فوازيرها بنفسها من باريس، و كان تتسوق لوحدها و تسدد ثمن كل تلك الملابس بمالها الخاص.

لذلك، جاءت مسرحية كوكو شانيل كتحصيل حاصل لتأثير كوكو شانيل في حياة شريهان بطريقة غير مباشرة و غير مقصودة.

المسرحية تم عرضها هذا العام 2021، في وقت تطور فيه الرقص و الاستعراض المسرحي و التلفزيوني و السينمائي في كل دول العالم، خاصة بوليود و هوليود، و أصبحنا نرى مواهب كبيرة و أعمال ضخمة من حيث الإنتاج و الإخراج و التصوير و الإبهار، من الصعب منافستها أو محاكاتها أحيانا.

حتى في برامج المواهب العربية، نرى حاليا مواهب متميزة لراقصين و راقصات عرب تجعل من عودة شريهان لأي عمل فني استعراضي بمثابة تحدي كبير، لأن وضع الاستعراض في الأوساط الفنية العربية و العالمية منذ  توقفت عنه في آخر أعمالها الاستعراضية، سنة 1993 بفيلم كريستال، و سنة 1995 (آخر عرض لمسرحية شارع محمد علي التي بدأت في 1991) ليس هو نفسه الاستعراض الموجود حاليا.

لكن المواهب العربية التي تظهر في تلك البرامج، لم تتم الاستفادة منهم في أعمال واضحة، كما أن شريهان ليست مجرد رقص و استعراض، هي لديها اسم ثقيل جدا في الوسط الفني العربي، كما أن الكاريزما التي تملكها ساعدتها كثيرا على العودة رغم سنوات الغياب الـ 30.

و منذ غياب شريهان، لم يستطع الوسط الفني العربي إيجاد بديلة لها، رغم ما يقال عن ميريام فارس و أخريات بأنهن استعراضيات، رغم أن ما يقمن به هو مجرد حركات إيقاعية و هز و نط و تقليد رديء لشاكيرا و جنيفر لوبز.

شريهان مميزة، و لا تقلد أحدا، لذلك لما عادت و هي في سن الـ 57 تقبلها الجمهور و احتضن عملها و أقبل عليه.

فريق العمل الذي اختارته شريهان كان ذكيا جدا، و يبدو أنهم أخذوا بعين الاعتبار كل العوامل التي ذكرتها هنا، لأنهم أمام عمل استعراضي مسرحي تلفزيوني بجمهور افتراضي سنة 2021، لذلك أول نقطة يجب أخذها بعين الاعتبار هو مصمم استعراضات محترف يصمم رقصات و استعراضات تناسب الفنانة العائدة بعد 30 سنة غياب و تناسب شكلها المتغير قليلا رغم محافظتها على رشاقتها بطريقة مذهلة.

المصمم هاني أباظة عمل لها استعراضات جميلة لا تجعلنا نتساءل لماذا أصبحت شريهان ترقص هكذا؟ و لماذا تغير مستواها؟ كانت استعراضات أغلبها مزيج من الرقص الكلاسيكي و البالي و الرقص الإيمائي و الإيحائي.

كما أن اختيار الفرقة الراقصة المشاركة في المسرحية كان موفقا جدا لطبيعة الرقصات المصممة، و كان مستواهم عالميا حسب ما يبدو، لكن في الاستعراض الأخير الذي رقصته شريهان كانت فيه بعض الحركات الشرقية، توقفت الفرقة عن الحركة حينها، و بقيت شريهان لوحدها من ترقص، لأن الشرقي هو اختصاصها الذي لا تنافسها فيه أي استعراضية أخرى، كما أن أعضاء الفرقة الراقصة يبدو من وجوههم أن أغلبيتهم أجانب.

الديكور كان مبهرا و مناسبا جدا للبيئة الفرنسية في ذلك الوقت، و كذلك الأزياء التي أشرفت على تصميمها شريهان نفسها.

كنت أتوقع أن يكون التصوير أغلبه لقطات رئيسية بعيدة نوعا ما، و لن يكون فيه كلوز آب على وجه شريهان بسبب خدها الأيسر الذي كان يبدو مشوها بسبب مرضها بسرطان الغدد الدمعية، لكن بعد الفصل الأول، لم تعد الكاميرا تتجنب الكلوز آب، و يبدو أن جراحات التجميل التي أجرتها شريهان مؤخرا حسنت كثيرا من مظهر خدها المصاب، و رغم وضوح فارق السن بينها و بين كل المشاركين و المشاركات في العمل خاصة في فترة شباب كوكو شانيل، إلا أن الروح المرحة لشريهان و إتقانها للدور جعلها منسجمة جدا مع كل فريق الممثلين، حتى من مثلوا أدوار الرجال الذين أحبتهم كوكو مثل الممثل هاني العدل و أيمن قيسوني .

لدى شريهان بعض الأعمال الفنية التي لم أقتنع كثيرا بتمثيلها فيهم، أما في هذه المسرحية، فكان تمثيلها جميلا بنفس جودة إتقانها للاستعراض.

حياة كوكو شانيل الحقيقية كانت أكثر مأساوية مما ظهر في المسرحية، و حتى حسب البعض، تفاصيل حياة كوكو ليست كلها مشرفة و مدعاة للفخر، لكن شريهان أرادت تكريم كوكو شانيل على طريقتها.

تاريخ النشر أول مرة: 28 أوت 2021

موقع إيـــلاف

https://elaph.com/Web/Culture/2021/08/1450358.html?fbclid=IwAR1sgIyDDd7AGuFnsiBuEYrF7XkuSnv5LJIZLjbqlX5qKB1vN53-u-J_jgQ

jeudi 26 août 2021

لا يحدث إلا في بوليوود.. عندما تتحول الممثلة إلى راقصة

 










ثوابت بوليوود التي لا تتغير إلا نادرا، معروفة لدى المتابعين، و هي عناصر بديهية في الفيلم الهندي، قد عرضتها في مقال قديم لي، مثل الهندوسية، الوطن، الأم، الزوجة، أو رابطة الزواج نفسها.

لكن ما أتحدث عنه هنا، ليس ثوابتا، حيث يمكن تغييرها و حذفها من الأفلام دون أي مشكل، و دون إثارة أي جدل لدى الرأي العام أو الصحافة الهندية، لكنها ظاهرة نجدها فقط في السينما الهندية (بوليوود خاصة)، تميزت بها عن غيرها من السينمات الأخرى.

الكل يعلم أن السينما الهندية مرادف للغناء و الرقص و الاستعراض، و هي النظرة النمطية التي يرفض البعض تغييرها ليومنا هذا، و هي نظرة لم تأتي من فراغ، فبوليوود رغم تنوع طبيعة أفلامها حاليا، إلا أنها لازالت وفية لنوعية الأفلام الإستعراضية، و يعد تعلم الرقص واجب على كل ممثل و ممثلة يريدون لعب دور البطولة.

السينما الغنائية الاستعراضية التي اختفت من سينمات العالم بعد فترة الأبيض و الأسود و استمرت في الهند ليومنا هذا، يمكن اعتبارها ظاهرة خاصة بالهند وحدها، و مثلها حاولت محاكاتها بعض سينمات القارة الآسيوية، مثل لوليوود (سينما باكستان)، و سينما البشتون المعروفة بـ Pollywood  (الجانب الباكستاني للبشتون)، و سينما بنغلاداش (Dhallywood).

لكن، ما يعتبر ظاهرة خاصة فقط ببوليود، هو أنه يمكن استقدام ممثلة كبيرة و نجمة مسيطرة كضيفة شرف في الفيلم فقط للرقص في استعراض واحد.

من النادر أن تتحول الراقصة في بوليود إلى ممثلة، بل من المستحيلات، لكن من المعتاد أن تستخدم الممثلة النجمة كراقصة في استعراض في فيلم هندي.

و هو ليس بالأمر المهين للنجمة، بل يعتبر من الأمور العادية في بوليود، و أحيانا من العوامل المساعدة في نجاح تلك النجمة، حيث يمكن أن نجد فيلما هنديا عاديا لم يحقق النجاح المطلوب، لكن أحد استعراضاته أو إحدى أغانيه أصبحت أغنية ضاربة و من أيقونات الفن في الهند.

مثلا استعراض Ishq Kamina من فيلم Shakti، المنتج سنة 2002 الفيلم كان من بطولة كاريسما كابور و Nana Patekar و شاروخان في دور مساعد، الفيلم لم ينجح كثيرا، لكن استعراض Ishq Kamina الذي رقصت فيه أيشواريا راي اشتهر كثيرا.

كذلك كاترينا كييف، شاركت في استعراض Chikni Chameli من فيلم Agneepath المنتج سنة 2012 و لم تكن بطلته و لم تمثل فيه، شاركت فقط في هذا الاستعراض الذي أصبح ملهما للراقصات في مسابقات الرقص الهندية كلها.

و بريانكا شوبرا أيضا شاركت كضيفة شرف (راقصة) سنة 2013 في الفيلم الناجح Goliyon Ki Raasleela Ram-Leela في استعراض واحد هو Ram Chahe Leela و هو استعراض جريء و يتذكره كل من تابع الفيلم، الذي يعتبر من أجمل ما أخرج سنجاي ليلا بهنسالي و كان من بطولة ديبيكا باديكون و زوجها رانفير سينغ.

كاجول، الصديقة المقربة للسينمائي المعروف كاران جوهر، إضافة إلى أنها كانت بطلة بعض أنجح أفلامه، معروف عنها أيضا أنها غالبا ما تكون ضيفة شرف في أفلامه و في الاستعراضات بالخصوص، و يكون حظورها بطريقة لافتة و جميلة و فيها من خفة الظل ما يميز جيدا كاجول عن بقية زميلاتها.

مثلا في استعراض Rock 'N' Roll Soniye من فيلم Kabhi Alvida Naa Kehna سنة 2006، و في استعراض The Disco Song من فيلم Student of the Year سنة 2012.

مليكة شيراوات، رمز الإغراء الهندي، أيضا لديها مشاركة شرفية سنة 2007 في استعراض في الفيلم السياسي الدرامي Guru و الذي كان من بطولة أبهيشيك باتشان و زوجته أيشواريا راي، مليكة و بحكم إتقانها المعتبر للرقص الشرقي، تمت الاستعانة بها في استعراض Mayya Mayya.

الأمثلة كثيرة جدا، و لا يمكن عرضها جميعا في مقال واحد، و تقريبا في أغلب الأفلام الهندية الاستعراضية تتم الاستعانة بنجمة للمشاركة في استعراض معين.

لكن، ما يعتبر سابقة في السينما الهندية، هو ما قامت به المخرجة ومصممة الاستعراضات المعروفة فرح خان في فيلمها Om Shanti Om سنة 2007 و بالضبط في أغنية Deewangi Deewangi حيث قامت بإشراك أكثر من 30 نجما و نجمة كضيوف شرف في هذا الاستعراض المميز و غير المسبوق، و يبدو أن مشوارها الطويل كمصممة رقصات شهيرة و علاقاتها الجيدة مع الوسط الفني الهندي ساعدها كثيرا على إحداث هذا السبق.

تاريخ النشر الاول: 26 أوت 2021
جريدة الدستور العراقية / العدد: 5052

lundi 23 août 2021

الفنان سـعـد لــوستـان ممثل سـوري عـالـمـي الـتـوجــه















 

هو ممثل سوري الجنسية و المولد، بدايته أيضا كانت سورية، لكنه فرنسي الملامح، عالمي التوجه.

موهبته في التمثيل و ملامحه الأوروبية ساعدته على الوقوف عند عتبة العالمية، رغم كل ما يواجه الممثلين العرب خاصة من مشاكل و تمييز في الأوساط الفنية الأجنبية.

ساعده أيضا إتقانه للغات الأجنبية، مما يسمح له بالانتقال من فيلم يتحدث بالفرنسية إلى آخر ناطق بالإنجليزية.

كما يتميز بتمكنه من اللغة العربية الفصحى، و هو ما لاحظناه في مسلسل "عنترة بن شداد"، و "صلاح الدين الأيوبي"، و"الفوراس"، و كذلك في بعض الرسوم المتحركة التي شارك في دبلجتها.

أغلبنا تابع المسلسل السوري الناجح "عصي الدمع" سنة 2005، و نتذكر الموقف الطريف الذي حدث مع البطلة سولاف فواخرجي لما قام شاب طائش بمعاكستها و رفعت القضية للمحكمة و تمت معاقبته، الممثل الذي لعب دور الشاب الطائش لم يكن إلا الممثل الصاعد حينها سعد لوستان، الذي أتقن الدور جيدا و جعلنا نتذكره رغم مساحة الدور الصغيرة جدا.

ميزة أخرى في سعد، هي قدرته على تغيير الشخصيات و تغيير شكله، ربما لو استمر في الدراما السورية وقتا أطول كنا سوف نرى ممثلا يسير على خطى بسام كوسى المعروف بتغييره الكثير للشخصيات و قدرته على تقمص الادوار الصعبة.

هناك زميل آخر للممثل سعد لوستان لديه نفس الميزة، هو دانيال الخطيب، لكن دانيال حاليا متفرغ للمسرح و التدريب المسرحي.

لدى سعد العديد من البطولات المساعدة في الدراما السوريا و التي كان آخرها سنة 2011، و لعل أهمها هي : طيور الشوك، و زمان الصمت، إضافة للفيلم التلفزيوني السوري "خطوة بخطوة" المنتج سنة 2011.

و في السينما لديه في مشواره 7 أفلام،

الأول فيلم إماراتي منتج سنة 2006، من إخراج محمد ملص، عنوانه "المهد".

الثاني فيلم سوري منتج سنة 2007، من إخراج وليد حريب عنوانه  "خمس دقائق في منتصف الليل".

الثالث فيلم سوري منتج سنة 2009، من إخراج: عبد اللطيف عبد الحميد، عنوانه "مطر أيلول".

الرابع أيضا منتج سنة 2009، لكنه فيلم أمريكي عنوانه Tea on the Axis of Evil، من إخراج: Jean Marie Offenbacher.

الخامس فيلم ألماني عنوانه Schaum Und Sand، منتج سنة 2018، و من إخراج: Roulan Jadan.

السادس أيضا منتج سنة 2018، و هو من أهم أفلام الممثل سعد لوستان إضافة لفيلمه الأخير الذي سنتحدث عنه.

فيلمه السادس إنتاج مشترك فرنسي ألماني تركي، عنوانه  "قماشتي المفضلة" من إخراج السورية غايا جيجي، شارك في مهرجان كان السينمائي في دورته الـ 71، و بالضبط في مسابقة "نظرة ما"، و لقي صدى عالميا جميلا، و ساهم في التعريف أكثر بسعد لوستان على المستوى العالمي و جلب الأنظار إليه.

فيلمه الأخير سنة 2020، أيضا كان لافتا جدا للانتباه و الاهتمام، فيلم تونسي، مخرجته إمرأة أيضا، هي التونسية كوثر بن هنية، الفيلم تم عرضه في مهرجان البندقية سنة 2020، في دروته الـ77، و نال جائزتين في مسابقة المهرجان.

الفيلم يطرح قضية حقيقية و هامة، و يمكن إسقاطها على أمور كثيرة في حياتنا اليومية، و هي تسليع كل شيء، و ارتفاع قيمة السلعة على قيمة الإنسان، و هو نفسه الإنسان الذي يمكن تسليعه لتزداد أهميته و ترتفع قيمته.

الفيلم ترشح هذا العام (2021) لأوسكار أحسن فيلم أجنبي في القائمة النهائية للترشيحات، و هو بحد ذاته مكسب كبير لكل فريق العمل.

مشوار سعد لوستان السينمائي مستمر، حيث يشارك هذا العام في فيلم فرنسي قصير من إخراج الثنائي: Anouk Girard و Emile Moutaud، و هما من كتبا السيناريو أيضا.

 سعد لوستان، ممثل لا تنقصه الموهبة و لا الكاريـزما للنجاح، لكن لكل وسط فني تقاليده و ثوابته و معادلة نجاحه الخاصة به، مثلا في سوريا ليست نفسها في فرنسا، و ليست نفسها في مصر، أو بوليود، و أو هوليود......

لذلك، الممثلين العرب أو الهنود أو الآسياويين، مثل سعد ممن يملكون القدرة على الانتقال من سينما لأخرى، و من وسط فني لآخر، يكون مشوارهم الفني أكثر صعوبة، لأنهم لا يركزون مع وسط فني واحد، ليسيروا حسب تقاليده و معادلاته.

تاريخ النشر الأول: 23 أوت 2021

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=729119

jeudi 19 août 2021

فــرح خــان، مخرجة المسالا… عندما تتحول مصممة الرقص إلى الإخراج








 

فرح خان، هي مصممة رقصات شهيرة في الهند، قامت بعمل الكوريغرافيا  لأكثر من 100 فيلم هندي طيلة مشوارها الفني و لغاية يومنا هذا، كثير من الاستعراضات التي صممتها تعتبر اليوم أيقونات و نماذج ملهمة للكثير من الراقصين و المصممين.

شاركت في تمثيل بعض الأفلام في أدوار ثانوية، و أغلب مشاركتها كانت شرفية و عابرة.

أما لما انتقلت للإخراج، فقد تركت بصمة قوية في صناعة السينما الهندية  (بوليود فقط، هي لم تعمل مع سينما الجنوب الهندي)، رغم أنها لم تخرج إلا 4 أفلام لحد الآن.

لدى فرح خان رؤية إخراجية خاصة بها، تميزت بها أفلامها، عن باقي أفلام المخرجين الكبار الذين تعرفهم بوليود، و ليس من السهل الانتقال من تصميم الاستعراضات إلى الإخراج.

سنة 2004 لما سمعت بأنها هي مخرجة فيلم شاروخان الجديد Main Hoon Na  استغربت، كيف لمصممة رقصات تتحول إلى مخرجة؟ و كان عندي فضول كبير أن أتابع الفيلم لكي أرى كيف سيكون فيلم تخرجه مصممة استعراضات.

الفيلم كان جميلا، و ناجحا، يصنف على أنه مسالا هندية، يعني فيلم رومانسي استعراضي كوميدي درامي أكشن، فيه من كل شيء، خليط مثل التوابل الهندية، و هذا النوع من الأفلام رغم أنه شائع كثيرا في بوليود و حتى في سينمات الجنوب الهندي، إلا أن نجاحه غير مضمون، مثل الطبخ تماما، يجب أن يعرف المخرج متى يستخدم كل تلك التوابل بما يتناسق مع الفكرة الرئيسية للفيلم و دون التأثير عليها، و هذه الفكرة الرئيسية هي من تحدد السمة الغالبة على الفيلم، و باقي السمات تكون للمساعدة و يتم توزيعها على السيناريو دون الإخلال بأي شيء، و هو تماما ما نجحت في عمله فرح خان في أول أفلامها، الذي شاركت فيه ملكة جمال الكون لسنة 1994 سوشميتا سن مع شاروخان و سونيل شيتي في دور الشرير، و الممثلين المبتدئين آنذاك: زياد خان و أمريتا راو.

شاركت فرح في كتابة قصة فيلمها الأول مع مؤلفين آخرين، و قامت بتصميم رقصاته رفقة زميلتها Geeta Kapur، بينما الإنتاج كان لزوجة شاروخان، غوري خان.

الفيلم لقي استحسان الجمهور و النقاد، و نال بعض الجوائز، كما حقق نجاحا في الإيرادات.

فيلمها الثاني، كان مميزا و ناجحا أيضا، درامي رومانسي مطعم بقليل من الكوميديا، كتبت قصته فرح نفسها، و البطولة كانت لشاروخان دائما و من إنتاج زوجته أيضا، Om Shanti Om الذي تم إنتاجه سنة 2007، بميزانية أقل من فيلم فرح خان الأول، يمكن تصنيفه أيضا مع المسالا السينمائية، حيث و كما يبدو، أن فرح خان تجيد إخراج هذا النوع من الأفلام، و تجيد مزج كل شيء مع بعضه.

و فعلا، الفيلم ترشح للكثير من الجوائز، و نال البعض منها في المهرجانات السينمائية الهندية.

و نظرا لعلاقة فرح خان و شاروخان الجيدة مع الوسط الفني بالهند، تمت الإستعانة في إحدى الاستعراضات بأكثر من 30 نجما و نجمة كضيوف شرف في أغنية: Deewangi Deewangi، التي تم تصميم استعراضها بطريقة مبهجة و مميزة من طرف فرح خان، مثل باقي أغاني و رقصات الفيلم التي كانت فيها الكوريغرافيا متقنة جدا.

المتابعون لبوليود، يعلمون أن فيلم Om Shanti Om من أجمل الأفلام الهندية و أنجحها، من الأفلام التي يحبها جمهور شاروخان، و هو أول فيلم بوليودي مثلته النجمة ديبيكا باديكون، و كان بداية موفقة جدا لها.

سنة 2010، قامت فرح بإخراج فيلم جريمة في قالب كوميدي، لم ينتشر كثيرا بين محبي السينما الهندية، و نجاحه المادي كان متواضعا، لم يكن حظه مثل الفيلمين السابقين لفرح خان، و هذه المرة ليست هي من كتبت القصة، بل اكتفت بالإخراج و تصميم الرقصات فقط رفقة مصممين آخرين، الإنتاج كان لـ Twinkle Khanna زوجة بطل الفيلم أكشاي كومار،و لكنه إنتاج مشترك مع منتجين آخرين، و البطولة لرفيقة أكشاي كومار في الأفلام كاترينا كييف، و اختيار أكشاي لم يكن صدفة، فهو ممثل يجيد الأدوار الكوميدية رفقة الأكشن، و من المعتاد أن يمزج في أفلامه بين الكوميديا و الرومانسية و الأكشن، و هو ما قامت به فرح خان في فيلمها الثالث هذا.

أما فيلمها الرابع و الأخير، فكان ناجحا جدا و مميزا، هي من كتبت قصته، و تعاونت فيه مرة أخرى مع النجم شاروخان للمرة الثالثة، و للمرة الثانية مع ديبيكا باديكون بعد أن أصبحت من أهم نجمات الهند، فيلم Happy New Year المنتج سنة 2014، من طرف زوجة شاروخان غوري خان، و يبدو أن فريق العمل هذا (المخرجة المؤلفة، المنتجة، الممثل و الممثلة) هم المعادلة الذهبية لنجاح أفلام فرح خان.

في هذا الفيلم، استمرت فرح خان في إخراج النوع الذي برعت فيه، المسالا التي تخلط بين الكوميديا و الاستعراض و الرومانسية و الأكشن.

استعراضات الفيلم مميزة جدا، قامت بتصميمها فرح خان مع زميلتها Geeta Kapur، و فكرة الفيلم أصلا تدور حول فريق من الأصدقاء يتنكرون للمشاركة في مسابقة رقص عالمية للتمكن من سرقة جوهرة ثمينة و استرجاعها من الشرير في الفيلم.

الفيلم ، إضافة للسمات التي تم خلطها ببعضها لإنجاز القصة و إنجاحها، يلعب على وتر الوطنية و التعلق بالأرض و الهند، و التضحية بالطموحات الشخصية للحفاظ على سمعة الوطن و على علم الهند مرفوعا دائما.

و الأرض و الوطن و الأم و العائلة، هي من المقدسات و الثوابت في السينما الهندية منذ ظهورها، لحد يومنا هذا، و فرح خان عرفت جيدا كيف تستغل هذه الثوابت لإنجاح فيلمها الأخير.

الفيلم بطولة نخبة من نجوم الهند، مع أن التركيز الكبير كان على شاروخان و ديبيكا باديكون، لكن الجانب الكوميدي في الفيلم كان يتطلب إسناد أدوار لـ: أبهيشيك باتشان، و Sonu Sood  و Boman Irani ، و في دور الشرير كان المخضرم جاكي شروف هو الأنسب.

في الوقت الحالي فرح خان مكتفية بالعمل كمصممة استعراضات في بوليود، و أحيانا قليلة كمنتجة، و أصبح الطلب عليها متزايدا للتحكيم في برامج الرقص في التلفزيونات الهندية، حيث و بعد وفاة رائدة الكوريغرافيا الهندية ساروج خان سنة 2020، أصبحت الآن فرح خان هي أكثر مصممة محترفة في اختصاصها.

لا أعلم سبب عدم إقدامها على الإخراج مرة أخرى، رغم أن أفلامها الأربعة أثبت أن فرح خان تجيد كثيرا إنجاز أفلام المسالا البوليودية، و أنها بقدر ما هي مبدعة في تصميم الرقصات و الاستعراضات المتنوعة، هي مبدعة كمخرجة أيضا في مزج التوابل السينمائية الهندية مع بعضها البعض.

تاريخ النشر أول مرة: جريدة الدستور العراقية - العدد: 5046/ يوم 19 أوت 2021