لا أدري هل
أكتب هذا المقال كواحد من المعجبين الأوائل بالفنانة الكبيرة شريهان، أو ككاتب
مقالات فنية يجب أن يتقيد بالموضوعية و الحياد عند التحليل و النقد؟
السؤال الأول
الذي طرحته على نفسي و بحثت عنه، لماذا كوكو شانيل بالذات؟
النساء
المؤثرات كثيرات، و في كل الميادين، و منهن العربيات و من جنسيات أخرى.
كثيرون
يحسبون أن كوكو شانيل كانت صديقة شريهان، كوكو شانيل توفيت سنة 1971 لما كان عمر
شريهان 7 سنوات، لكن شريهان فيما بعد، لما دخلت عالم الفن و الاستعراض أصبحت زبونة
دائمة و مميزة لدار شانيل، لذلك ارتبطت بطريقة مباشرة بماركة كوكو شانيل و غير
مباشرة بمؤسسة الدار "غابريال شاسنال" المعروفة بكوكو شانيل، تأثرت بقصة
حياتها و تفاصيلها.
المعروف عن
شريهان أنها كان تختار أزياء فوازيرها بنفسها من باريس، و كان تتسوق لوحدها و تسدد
ثمن كل تلك الملابس بمالها الخاص.
لذلك، جاءت
مسرحية كوكو شانيل كتحصيل حاصل لتأثير كوكو شانيل في حياة شريهان بطريقة غير
مباشرة و غير مقصودة.
المسرحية تم
عرضها هذا العام 2021، في وقت تطور فيه الرقص و الاستعراض المسرحي و التلفزيوني و
السينمائي في كل دول العالم، خاصة بوليود و هوليود، و أصبحنا نرى مواهب كبيرة و
أعمال ضخمة من حيث الإنتاج و الإخراج و التصوير و الإبهار، من الصعب منافستها أو
محاكاتها أحيانا.
حتى في برامج
المواهب العربية، نرى حاليا مواهب متميزة لراقصين و راقصات عرب تجعل من عودة
شريهان لأي عمل فني استعراضي بمثابة تحدي كبير، لأن وضع الاستعراض في الأوساط
الفنية العربية و العالمية منذ توقفت عنه في
آخر أعمالها الاستعراضية، سنة 1993 بفيلم كريستال، و سنة 1995 (آخر عرض لمسرحية
شارع محمد علي التي بدأت في 1991) ليس هو نفسه الاستعراض الموجود حاليا.
لكن المواهب
العربية التي تظهر في تلك البرامج، لم تتم الاستفادة منهم في أعمال واضحة، كما أن
شريهان ليست مجرد رقص و استعراض، هي لديها اسم ثقيل جدا في الوسط الفني العربي،
كما أن الكاريزما التي تملكها ساعدتها كثيرا على العودة رغم سنوات الغياب الـ 30.
و منذ غياب
شريهان، لم يستطع الوسط الفني العربي إيجاد بديلة لها، رغم ما يقال عن ميريام فارس
و أخريات بأنهن استعراضيات، رغم أن ما يقمن به هو مجرد حركات إيقاعية و هز و نط و
تقليد رديء لشاكيرا و جنيفر لوبز.
شريهان
مميزة، و لا تقلد أحدا، لذلك لما عادت و هي في سن الـ 57 تقبلها الجمهور و احتضن
عملها و أقبل عليه.
فريق العمل
الذي اختارته شريهان كان ذكيا جدا، و يبدو أنهم أخذوا بعين الاعتبار كل العوامل
التي ذكرتها هنا، لأنهم أمام عمل استعراضي مسرحي تلفزيوني بجمهور افتراضي سنة
2021، لذلك أول نقطة يجب أخذها بعين الاعتبار هو مصمم استعراضات محترف يصمم رقصات
و استعراضات تناسب الفنانة العائدة بعد 30 سنة غياب و تناسب شكلها المتغير قليلا
رغم محافظتها على رشاقتها بطريقة مذهلة.
المصمم هاني
أباظة عمل لها استعراضات جميلة لا تجعلنا نتساءل لماذا أصبحت شريهان ترقص هكذا؟ و
لماذا تغير مستواها؟ كانت استعراضات أغلبها مزيج من الرقص الكلاسيكي و البالي و
الرقص الإيمائي و الإيحائي.
كما أن
اختيار الفرقة الراقصة المشاركة في المسرحية كان موفقا جدا لطبيعة الرقصات
المصممة، و كان مستواهم عالميا حسب ما يبدو، لكن في الاستعراض الأخير الذي رقصته
شريهان كانت فيه بعض الحركات الشرقية، توقفت الفرقة عن الحركة حينها، و بقيت
شريهان لوحدها من ترقص، لأن الشرقي هو اختصاصها الذي لا تنافسها فيه أي استعراضية
أخرى، كما أن أعضاء الفرقة الراقصة يبدو من وجوههم أن أغلبيتهم أجانب.
الديكور كان
مبهرا و مناسبا جدا للبيئة الفرنسية في ذلك الوقت، و كذلك الأزياء التي أشرفت على
تصميمها شريهان نفسها.
كنت أتوقع أن
يكون التصوير أغلبه لقطات رئيسية بعيدة نوعا ما، و لن يكون فيه كلوز آب على وجه
شريهان بسبب خدها الأيسر الذي كان يبدو مشوها بسبب مرضها بسرطان الغدد الدمعية،
لكن بعد الفصل الأول، لم تعد الكاميرا تتجنب الكلوز آب، و يبدو أن جراحات التجميل
التي أجرتها شريهان مؤخرا حسنت كثيرا من مظهر خدها المصاب، و رغم وضوح فارق السن
بينها و بين كل المشاركين و المشاركات في العمل خاصة في فترة شباب كوكو شانيل، إلا
أن الروح المرحة لشريهان و إتقانها للدور جعلها منسجمة جدا مع كل فريق الممثلين، حتى
من مثلوا أدوار الرجال الذين أحبتهم كوكو مثل الممثل هاني العدل و أيمن قيسوني .
لدى شريهان
بعض الأعمال الفنية التي لم أقتنع كثيرا بتمثيلها فيهم، أما في هذه المسرحية، فكان
تمثيلها جميلا بنفس جودة إتقانها للاستعراض.
حياة كوكو شانيل
الحقيقية كانت أكثر مأساوية مما ظهر في المسرحية، و حتى حسب البعض، تفاصيل حياة
كوكو ليست كلها مشرفة و مدعاة للفخر، لكن شريهان أرادت تكريم كوكو شانيل على
طريقتها.
تاريخ النشر أول مرة: 28 أوت 2021
موقع إيـــلاف