jeudi 30 juin 2022

Aligarh طرح واقعي لقصة حقيقية

 










من بين أغلب الأفلام التي عرضت فيها بوليود وسينمات الأقاليم الهندية الأخرى، قضية المثلية الجنسية، وجدت هذا الفيلم، هو الأكثر هدوءا في الطرح، وفي ريتم الأحداث وطريقة سردها، وهو الأبعد عن المشاهد الصادمة، وتم فيه التركيز على قوة الفكرة، حول حرية الممارسة وحرية اختيار ممارسة هذا الميول في حياة الظل، وحول سلطة المجتمع في لعب دور الوصي أو الأخ الأكبر (big brother).

الفيلم مستوحى من قصة حقيقية، حدثت سنة 2010، لأستاذ جامعي، ورئيس قسم اللغات الكلاسيكية في جامعة أليغار، يتم اقتحام منزله، خلال ممارسته للجنس ليلا مع رجل آخر، ويتم تصويره وفضحه في الصحافة ويتم فصله من العمل، ويواجه غضب الرأي العام، والنبذ من الجميع، بسبب ميوله المثلية.

في الفيلم بعد إنساني، يمثله خاصة الصحفي الشاب المتبدئ، الذي يريد طرح قضية الأستاذ من زواية أخرى، بعيدا عن الدفاع عن حقوق المثليين بطريقة نمطية، أو غربية، وإنما هو يحاول النظر للقضية، من زاوية لا تركز عليها الغوغاء الغاضبة، التي تنصب نفسها حارسة للمعبد وللأخلاق، وسط مجتمع يغرق في كل شيء سيء ورديء، ولكن بعض القضايا تأخذ حظها الكبير من الاهتمام والرفض على حساب قضايا أخرى، هكذا هي الغوغاء، خاصة لما يتم توجيهها عن قصد من طرف صحافة الفضائح.

ما حدث للأستاذ المفصول، حدث في مجتمع مليء بالتناقضات والخرافات، وببيوت الدعارة، مليء بالمتحولين المنتشرين بطرق وشوارع معينة بالهند، مليء بالعصابات، والمافيا الصغيرة والكبيرة، والفقر المدقع، الذي قد يجعل المواطن يأكل الحجر.

قد يبدو طرح الفيلم لهذه القصة الحقيقية، هو دفاع هادئ ومقنع عن المثلية، لكني أراه وصفا لقصة حقيقية، حدثت في مجتمع غارق في المشاكل و التناقضات، آخر شيء من المفروض يقوم به، هو معاقبة إنسان، قام بما فعله هذا الأستاذ بين أربع جدران في منزل مغلق.

تم إنتاج الفيلم سنة 2015، من طرف شركة إيروس وشركة كارما، وهما من كبريات الشركات السينمائية في الهند، تم إنتاج الفيلم قبل موجة مواضيع المثلية التي هجمت على الأعمال الهندية، مع ظهور منصات العرض الإلكتروني، وخاصة نتفليكس.

الإخراج كان لـ: هانسال ميهتا، بينما القصة والسيناريو، فكانا لـ: Apurva Asrani، هو مؤلف مثلي الجنس، لذلك، جاءت القصة فيها ما يشبه التعاطف مع قضية الأستاذ بطل الفيلم.

المخرج ليس لديه أعمال سينمائية كثيرة، لكنه لديه أفلام مميزة،  وللأسف لم تكن لافتة وناجحة كثيرا، رغم أن بصمته مختلفة عن بقية أعمال المخرجين الآخرين، كما أنه يعمل في الإخراج التلفزيوني أيضا، لذلك هو ليس من السينمائيين البارزين جدا في بوليود.

دور البطولة الرئيسي، كان للنجم Manoj Bajpayee، الذي ينتقل من أدوار الشر لأدوار الفقير المغلوب على أمره، لدور العاشق المتيم، لدور المثلي، كما في هذا الفيلم، هو ممثل جيد، ونجم معروف، لكنه لا يملك الوهج الذي لدى خانات بوليود الأربعة، وهيريتك روشان مثلا ........

شارك في البطولة أيضا في دور الصحفي، الممثل الشاب الذي تدرج في أدوار البطولة ببوليود بهدوء، وسلاسة غير مسبوقة في عالم البطولة الرجالية في صناعة السينما الهندية، راج كومار راو.

و بدور المحامي، الممثل المخضرم Ashish Vidyarthi، كضيف شرف، وباقي الممثلين كلهم ثانويون.

بالفيلم، لا توجد أغاني، وبالكاد توجد موسيقى تصويرية هادئة، ولم يتم استخدامها كثيرا، حيث يوجد صمت متكرر بمشاهد الفيلم، كتعبير عن الحزن والألم والمعاناة والوحدة، التي مر بها بطل الفيلم، لغاية وفاته وحيدا في غرفته، دون أن يجد الوقت للفرح بحكم براءته، وعودته للعمل بالجامعة.

أجواء الفيلم هندية محلية بإمتياز، بما أن الأحداث أغلبها في مدينة Aligarh، حيث يسكن البطل، وهي نفسها عنوان الفيلم، وهي نفس المدينة التي كانت سببا في تأزم القضية، لأنها مدينة ذات أغلبية إسلامية، وجامعتها لديها خلفية تاريخية إسلامية، ذات رمزية كبيرة، الجامعة التي يعمل بها بطل الفيلم، الماراتهي الوحيد، وسط أغلبية تتحدث الأوردية، والذي تعمد زملاؤه فضحه وتصويره، وجعل حياته الخاصة، قضية رأي عام.

الفيلم هو تكريس للمادة 377 من الدستور الهندي، التي تنفي اعتبار المثلية الجنسية، جريمة يعاقب عليها القانون.

تاريخ النشر أول مرة: جريدة الدستور العراقية/ 30 جوان 2022/ العدد: 5313


jeudi 16 juin 2022

Bombay Talkies يوميات متناقصة لمدينة صاخبة

 

















سنة 2013، تم إنتاج أنطولوجيا هندية، عنوانها بومباي تولكيس، متكونة من أربع قصص منفصلة، لأربع مخرجين، كاران جوهر، بيباكار بانيرجي، زويا أختر، أنوراج باشياب، وهم من كتبوا قصص الفيلم رفقة كاتبة أخرى هي ريمة كاغتي، بينما الإنتاج كان لعدة شركات سينمائية هندية أهمها Flying Unicorn.

و الفيلم هو أول تجربة في الإخراج المشترك للأنطولوجيا بين هؤلاء المخرجين الأربعة، وقد تم عرضه في مهرجان كان لسنة 2013، خارج إطار المنافسة الرسمية، كما أعاد نفس فريق العمل التجربة سنة 2018 مع فيلم Lust Stories، مع نفس الشركة وبتورزيع من نتفليكس، وسنة 2020 كرروا العمل لثالث مرة في أنطولوجيا مكونة من أربع أفلام رعب عنوانها Ghost Stories، وكذلك كانت مع نفس الشركة و التوزيع أيضا لنفس المنصة.

بغض النظر عن الإيرادات المادية لكل فيلم، يبدو أن فريق العمل هذا، لديهم بصمة مميزة، ولمسة احترافية في صنع الأنطولوجيا في بوليود، وكل واحد  منهم، لديه تجارب متنوعة في مشواره المهني، ما بين الإخراج، والإنتاج، وكتابة السيناريو وتأليف قصص الأفلام.

لذلك، كانت تجربتهم الأولى، في فيلم بومباي تولكيس، لافتة جدا، وبدت لي وكأن لمسة كاران جوهر، جوكر بوليود كما أفضل تسميته، طغت على بقية زملائه في قصصهم التي أخرجوها، لأنه الأكثر خبرة والأقدم في الميدان، والأغنى من حيث القدرة على السيطرة على عالم بوليود وقصصه، وما يدور فيه، وما يجب أن يكون فيه، وهي تهمة لصيقة بكاران جوهر، السيطرة والاحتكار، تماما مثل تهمة المثلية الجنسية.

وبالفعل، هذه الأنطولوجيا، طرحت قضية المثلية الجنسية، في قصتين، الأولى من إخراج كاران جوهر نفسه، عنوانها Ajeeb Dastaan Hai Yeh، هي عن شاب مثلي الجنس، ينفصل عن عائلته التي لم تتقبل ميوله، ويبدأ حياة جديدة في عمل جديد، بجريدة فنية تكتب عن سينما بوليود، ويدخل حياة رئيسته في العمل (راني موخرجي) ويتعرف على زوجها مقدم البرامج التلفزيونية، ويتورط معه فيما يشبه بداية علاقة مثلية، لكنها تتوقف في أولها، بسبب رفض الزوج لحقيقته ومثليته، وينفصل عن زوجته، التي تعاني دائما من عدم الإشباع الجنسي، وهي الفاتنة التي يغازلها الجميع ويطمع في رضاها.

مشاهد هذه القصة لم تكن صادمة كثيرا، بقدر الأفكار في حد ذاتها، بإستثناء قبلة واحدة بين البطلين (الشاب وزوج راني موخرجي).

في القصة أيضا، تكريس لفكرة، أن الصداقة بين الرجل المثلي والمرأة، قد تكون أفضل أحيانا من صداقة المرأة مع إمرأة أخرى.

القصة الثانية، كانت من إخراج Dibakar Banerjee بعنوان Star، وطرحت مشكل الأحياء الشعبية، والعمارات المكتظة بالسكنات الجماعية، عن رب أسرة فقيرة، ابنته معاقة حركيا، يحكي لها كل يوم عن فيلم بوليوودي معين، يجد نفسه صدفة كومبارس في فيلم مع النجم رانبير كابور، في إحدى شوارع مدينة مومباي (بومباي)، ويحكي لابنته عن تجربته بمجرد عودته في الليل، الفكرة بسيطة، لكن إنجازها كان مؤلما ومفرحا في نفس الوقت.

القصة الثالثة، عنوانها Sheila Ki Jawaani، من إخراج زويا أختر، تحكي عن طفل صغير، لديه ميول مثلية، معجب بالنجمة كاترينا كييف، وبالضبط، في دورها شيلا، ورقصتها المشهورة في استعراض يحمل نفس عنوان القصة Sheila Ki Jawaani.

الطفل يواجه صدمة والدته ومعارضة والده الذي يضربه، بينما تدعمه أخته الأكبر منه، التي تحلم أن تكون رحالة جوالة، القصة عن أحلام الأطفال الصغار، التي قد لا تنسجم مع جنسهم، أو مع ما يجب أن يحلموا به بناء على ما هو منتظر منهم، حيث يكون هناك تعارض بين شكل الجسم وأعضائه، وبين الهوية الجنسية أو الجندرية، وما بين أحلام الطفل، وهو موضوع مثير جدا للجدل، بين ترك حرية الاختيار للطفل، أو إجباره على اتباع تعديل ميوله مع أعضائه الجنسية.

وما أراه أنا في حذ ذاته تعديا على حقوق الطفل، هو كيف يتم إشراك طفل صغير في  تمثيل دور مثل هذا؟ وهو دور خطير، حتى لو لم يؤثر على نفسية الطفل الممثل، قد يجلب له الكثير من التنمر في حياته الخاصة و مدرسته ومحيطه.

و نفس الخطأ، تم تكراره في فيلم كونكونا سن شارما، المعنون بـ دوللي كيتي سنة 2020.

القصة الرابعة، عنوانها Murabba، ومعناها مثل العربية تماما، مربى، من إخراج Anurag Kashyap، وهي قصة بسيطة، مثل القصة الثانية، لكن فكرتها قوية وعميقة، وإنجازها كان متخما بآلام الفقراء، ويومياتهم القاسية، عن شاب يريد تحقيق حلم والده الذي يحتضر، والذي يطلب منه توصيل علبة مربى للممثل الكبير أميتاب باتشان، لكي يتذوقها ويأخذ بركته.

وفي الهند طلب مقابلة أميتاب باتشان، أصعب من طلب الصعود للقمر، لأنه ممثل بمرتبة إله هندوسي.

و كأن القصة الرابعة هذه، هي تسليط للضوء، على الجماهير المغلوبة على أمرها، والتي كانت السبب في صنع مجد بوليود، بحثا عن الفرح المفقود في الواقع.

كل هذه القصص الأربعة، هي أفلام قصيرة، تجعل المشاهد يفكر، ويحلل النهاية على طريقته، لأن نهاية كل قصة تقريبا، هي مزيج بين أمل وألم، وإحباط وانتظار.

هو فيلم عن مومباي، المدينة الصاخبة، عاصمة الصناعة السينمائية الشهيرة، وعن الجوانب غير الظاهرة بهذه المدينة، في القصة الأولى، تظهر طفلة صغيرة متسولة على إحدى جسور المدينة، تؤدي أغان سينمائية قديمة بصوت طفولي ناعم، استجداء لعطف الناس ومساعدتهم، والموسيقى التصويرية في الفيلم كله، كانت تقريبا عبارة عن أغان قديمة ومعروفة، أوموسيقى مستلهمة من تلك الأفلام القديمة،ولا يوجد استعراض بالفيلم، باسثتناء الإستعراض الأخير الذي استخدم كجينريك النهاية، يظهر فيه عدد كبير من نجوم بوليود، كضيوف شرف، للرقص في الاستعراض الذي يحمل نفس عنوان الفيلم، وأغاني الاستعراض،هي روميكس لأغاني هندية شهيرة، منذ سينما الأبيض والأسود لغاية يومنا هذا، والأداء كان لعدد من أشهر نجوم البلاي باك ببوليود.

و قبل بداية الاستعراض، يظهر شاب هندي جالس لوحده في صالة سينما فارغة، ليبدأ بث الاستعراض بعدها، وهو ما أراه تكريما لنجوم بوليود ولجمهور هذه الصناعة السينمائية التي بدأت منذ أكثر من مئة سنة، وهي السينما التي كانت حاضرة بطريقة أو أخرى في مواضيع القصص الأربعة، ولو لم تكن هي محور كل القصص.

تاريخ النشر أول مرة: جريدة الدستور العراقية/ 16 جوان 2022/ العدد: 5301


lundi 13 juin 2022

المثلية في السينمات الهندية والدراما التلفزيونية





















ظلت بوليود وباقي سينمات الهند الأخرى، طيلة عمرها الطويل، من أيام السينما الصامتة، تسير تقريبا في خط متوازي مع موضوع المثلية الجنسية، ولا تتقاطع معه إلا في حالات نادرة، وبطريقة متحفظة في الغالب، أو مغايرة لما أصبحنا نراه حاليا في الأعمال المنتجة بالشراكة مع نتفليكس ومنصات العرض الإلكتروني عامة.

ومع ذلك، أنتجت الهند أفلاما عن هذا التابو، بعضها كان صادما جدا، حتى قبل أزمة كورونا، وقبل ظهور المنصات الإلكترونية، ربما لا يمكن حصرها وعدها جميعا، وعرضها في مقال واحد، لكن يمكن الحديث عن بعضها، عن أفلام المثلية الجنسية في الهند، ما قبل نتفليكس، و ما بعده، إن صح التعبير، لأن نتفليكس هي أكثر المنصات الإلكترونية، المتهمة بفرض موضوع المثلية الجنسية، وإقحامه في الأعمال الفنية المنتجة سينمائيا أو تلفزيونيا، حتى من غير ضرورة درامية، ولو بإشارة جانبية غير مأثرة أبدا في حبكة العمل الرئيسية.

سأتحدث بتفصيل أكثر عن الأفلام التي تابعتها شخصيا وشاهدت بعضها عدة مرات، وسأشير لأسماء بقية الأفلام  والمسلسلات، التي لم أكن أعرفها أو أعرفها ولم تتح لي فرصة مشاهدتها لحد الآن.

وعند الحديث عن فترة الإنتاج السينمائي الهندي، في فترة ما قبل تلك المنصات، يمكن اعتبار أشهر فيلم وقد يكون الأول، الذي طرح هذا التابو بطريقة مباشرة، وصريحة من حيث الفكرة نفسها ومن حيث مشاهد العري والعلاقة الجسدية، هو فيلم Fire المنتج سنة 1996، بشراكة هندية كندية، كان من بطولة شعبانة عزمي و نانديتا داس، وإخراج ديبا مهتا، التي كتبت السيناريو، وشاركت في الإنتاج.

الفيلم حينها، أثار الكثير من ردات الفعل الرافضة والمستنكرة، حيث تظهر البطلتان في مشاهد جنس مثلية صريحة، والمشكل في الأفلام الهندية التي تطرح قضايا المثلية والدعارة والخيانة الزوجية، ليس فقط في عرض القضية في حد ذاتها، بل في طريقة عرضها وتناولها، هل تطرح مع استنكار للفعل، أو مع محاولة إيجاد مبررات له.

هنا يكمن الفرق الكبير بين ورود هذه القضايا في السينمات الهندية وبين طرحها في السينمات الأوروبية وهوليود، لأن صناعة السينما في الهند، لديها ثوابتها وخطوطها الحمراء، التي بدأت في تكسيرها نتفليكس حاليا.

لكن فيلم Fire تم عرضه في وقت كانت فيه القبلة الفرنسية بين البطل والبطلة، ممنوعة في الأفلام الهندية، فما بالك بمشاهد مثلية حميمية بين سيدتين.

أتذكر حينها أنه تم إهدار دم الممثلة شعبانة عزمي وتهديدها، لأنها من الطائفة المسلمة في الهند.

الجيل الحالي المتابع للسينما الهندية، لا يعرف كثيرا هذا الفيلم، وقد لا يستهويه، بغض النظر عن المشاهد الحميمية، التي قد تجذب أي مشاهد، طبيعة الفيلم ليست نمطية أبدا.

أما فيلم دوستانا، فيعرفه أغلبية محبي بوليود، بطولة بريانكا شوبرا وبوبي ديول، مع أبهيشيك باتشان وجون أبراهام في دور شابين يتظاهران بالمثلية للعيش في منزل واحد مع فتاة جميلة (بريانكا)، حتى تكون مطمئنة أكثر، بينما في الواقع كل واحد منهما يسعى للإيقاع بها في حبه، لكنهما يخسران في الأخير، و يستمران في التظاهر بأنهما ثنائي مثلي الجنس، ويظهر في آخر الفيلم، تقبل والدة أبهشيك في الفيلم، لمثلية ابنها، وتبارك زواجه من صديقه بالطقوس الهندوسية، بطريقة كوميدية، وبدون البحث عن أي مبررات، لأن المثلية في الفيلم أصلا وهمية وتم عرضها بطريقة ساخرة ومضحكة، وقد يراها المثليون الحقيقيون مسيئة لهم.

بالفيلم لا توجد مشاهد مثلية حميمية، مع أنه تم التركيز على جسد جون أبراهام الرياضي جدا والمثير، لكن جسد بريانكا شوبرا بطلة الفيلم، غطى على أي شيء آخر في الفيلم، حيث تم استغلاله بطريقة ذكية، وبريانكا أصلا رغم موهبتها الكبيرة في التمثيل، يصر بعض المخرجين على استعمال جسدها كعنصر جذب إضافي في أفلامها، وقد كتبت الصحافة الفنية الهندية حينها، أن بعض خانات بوليود رفضوا المشاركة في الفيلم، وكان رفضهم للدورين المثليين بالضبط، ربما سيف علي خان، وآخرون.

من الأفلام البوليوودية الصادمة في بداية الألفية، والتي تعرضت للمثلية النسائية، هو فيلم Girlfriend، المنتج سنة 2004، بقدر ما كانت صدمة المضمون كبيرة، وحديث الصحافة عنه كثيرا، إلا أن أبطاله لم يستطيعوا الاستمرار والنجاح كثيرا في بوليود حينها، لأن بوليود في تلك الفترة كانت تعيش مرحلة تغير نوعي فعلا، لكنها لم تكن مستعدة للتغير بتلك الدرجة الجذرية الصادمة، حيث تظهر في الفيلم أمريتا أرورا و إيشا كوبيكار في مشاهد حميمية غير مسبوقة أبدا في الإنتاج السينمائي المحلي الهندي، وكلتا الممثلتين، كانتا نجمتين صاعدتين، في بدايتهما، و لم يكن الفيلم دفعا قويا لنجاحهما، بل مر وكأنه لم يكن، بعدما لقيا من النقد والاستهجان الشيء الكثير، وكلا الدورين لم تكن لتقبل بهما نجمات الصف الأول في تلك الفترة، مثل أيشواريا راي و كاجول و بريتي زينتا و راني موخرجي، و أستغرب لماذا لم يتم عرض الدورين على مليكة شيراوات أو بيباشا باسو و نيها دوبتيا نجمات الإغراء البوليوودي في تلك الفترة، وذهب الدوران لممثلتين صاعدتين، لا علاقة لهما بالإغراء.

في فيلم Fashion  المنتج سنة 2008، و الذي صنع شهرة بريانكا شوبرا، كان فيلما عن عالم عرض الأزياء وصناعة الموضة، وكواليسها، تم فيه طرح المثلية الجنسية الذكورية، كجانب سلبي في هذا المجال، وكعنصر مساومة أحيانا من طرف بعض صناع الموضة، كما تم عرض شخصية مثلية فيها نوع من الطيبة والطرافة، ولم يتم التركيز كثيرا على فكرة الزواج الشكلي كثيرا، لمصمم مثلي من عارضة أزياء متقبلة لمثليته، ومتقبلة لاستمرار علاقته المثلية مع صديقه، هي قضية يمكن تحويلها لوحدها لفيلم كامل، لكن القصة كانت حول بريانكا شوبرا كعارضة أزياء، لم تتوقف أحداث الفيلم كثيرا عند قضايا المثلية الجنسية كثيرا.

كاران جوهر، السينمائي الهندي الشهير، المتهم هو نفسه بالمثلية، أخرج سنة 2013 رفقة ثلاثة مخرجين آخرين أنطولوجيا عنوانها بومباي تولكيز، متكونة من أربعة قصص منفصلة، القصة الأولى أخرجها هو، وكانت عن المثلية، عن شاب مثلي ينفصل عن عائلته ويصادق رئيسته في العمل ويدخل في علاقة مع زوجها لكن العلاقة تتوقف في أولها، لأن الزوج رافض لحقيقته، القصة الثالثة كانت من إخراج زويا أختر، و هي عن طفل صغير لديه اضطراب في الهوية الجنسية وميولة أنثوية.

 

الفيلم لم يحتوي على مشاهد صادمة، لكن أفكاره كانت صريحة ومباشرة، ولم تكن دفاعا مباشرا عن المثلية، لكنها طرحت الموضوع بواقعية تجعل المشاهد يحكم بنفسه.

و من الأفلام الهندية التي طرحت قضايا المثلية و مشاكلها، قبل مرحلة منصات العرض الإلكتروني، نجد أفلام أخرى مثل: My Brother…Nikhil المنتج سنة 2005، Aligarh المنتج سنة 2015، Margarita with a Straw المنتج سنة 2014، Dear Dad المنتج سنة 2016، ..........

و هي أفلام لم أتابعها بعد، لكنها معروفة بطرحها لموضوع المثلية، كقضية محورية في القصة، أو كقصة جانبية فقط.

حاليا، ومع دخول منصات العرض الإلكتروني، كشريك في الإنتاج والبث، مع بوليود وباقي السينمات الهندية، وفي الدراما التلفزيونية أيضا، كما في أغلب الأوساط الفنية العالمية، تغير نوع وشكل الطرح الهندي لقضية المثلية، فمن ناحية الشكل، الجرأة زادت أشواطا كثيرة، والمشاهد الحميمية أصبحت أكثر ظهورا وعريا، كما أن نوعية الطرح، أصبح فيها ما يشبه التبرير، والدفاع، وبعض المشاهد أو القضايا المثلية يتم فرضها فرضا، ولا تكون هي أساس الحبكة، أو محور القصة في الفيلم أو المسلسل، لكن يتم إقحام علاقة مثلية في القصة، كأحداث جانبية، وهو ما يؤكد ما يتهم به البعض نتفليكس خاصة، كونها تنفذ أجندة محددة سابقا، لتكريس المثلية كموضوع عادي ودائم في أغلب الأعمال.

مثلا، في فيلم دوللي كيتي، المنتج بالشراكة مع منصة نتفليكس سنة 2020، نرى البطلة، كونكونا سن شارما، تدافع عن ميولات ابنها الأنثوية، وتساعده على تقبل ذاته، رغم أنه طفل صغير، يجب توجيهه، بدون قمع، ويمكن ربما تدارك ما يحصل مع الأخصائيين النفسانيين.

أما في الأنطولجيا التاميلية Pava Kadhaigal، على نتفليكس سنة 2020، فقد تم عرض قصة Thangam، التي تتحدث عن شاب متحول جنسيا، يساعد صديقه وعائلته (عائلة صديقه)، في ظهور غير مألوف للمتحولين جنسيا في الأعمال الهندية، حيث اعتدنا في الأفلام الهندية على رؤية المتحولين كفئة منبوذة وتمتهن الدعارة، أو يتم إستخدامهم في الكوميديا،  رغم وجود عدد لا بأس من المتحولين في المجتمع الهندي، ممن يشتغلون في الرقص والاستعراضات والملاهي الليلية، إلا أن صناع السينما الهندية يتجنبون استخدامهم، وربما المرة الوحيدة التي تم فيها استقدام متحول جنسي حقيقي للمشاركة في استعراض بوليودي، هي في فيلم باهيلي، بطولة شاروخان وراني موخرجي، سنة  2005، حيث شارك المتحول Queen Harish في أغنية  Laaga Re Jal Laaga.

و قبله بعام واحد، سنة 2019، تم صدور أنطولوجيا تاميلية أخرى، لكن بإنتاج محلي، عنوانها:  Super Deluxe، و في القصة الأولى المعنونة بـ: قصة شـيلبـا، تحكي عن شاب تاميلي يسافر للخارج للدراسة، و لما يعود لمدينته، يرجع متحولا و بإسم شيلبا، والأنطولوجيا ككل، بقصصها الأربع، جريئة ومليئة بالتابوهات.

كذلك، في مسلسل الممثلة الهندية الكبيرة، مادهوري ديكسيت، المعنون بـ لعبة الشهرة، و المنتج هو أيضا بالشراكة مع نتفليكس، التي عرضته في فيفري 2022، مادهوري تلعب دور نجمة سينمائية مشهورة تختفي في ظروف غامضة، وسط أحداث عائلية وفنية متداخلة ومتناقضة فيما بعضها، مما يجعل القصة تسلط الضوء على عالم بوليود وكواليسه بدون بهرجة، كواليس صادمة، من بينها ابن البطلة المراهق، الذي يعترف بمثليته ويقوم والده المنتج بقمعه، بينما تقوم والدته بالدفاع عنه، ومساعدته على مواصلة حياته، و تقبل جندريته.

ومسلسل لعبة الشهرة، ليس الوحيد على المنصات الإلكترونية، الذي يتحدث عن مشاكل الهوية الجنسية، هناك أعمال درامية هندية أخرى لازلت لم أتابعها، مثل Inside Edge على منصة أمازون، وهي نفس المنصة التي أنتجت مسلسل Made In Heaven، سنة 2019، والذي يبدو مسلسلا رومانسيا، بين زوجين، بطل وبطلة، لكن البطل يعاني من مشاكل هوية جنسية غير ظاهرة، أما Crimes and Confession والذي كان من إنتاج ALTBalaji فقد تم عرضه إلكترونيا على موقع الشركة، وهي نفس الشركة التي أنتجت و عرضت Romil and Jugal، الذي يطرح مشكل العلاقة المثلية بين رجلين هنديين بينهما فوارق في السن والعرق والدين، بينما  مسلسل  Forbidden Love فقد تم إنتاجه وعرضه من طرف قناة Zee5 والتي يبدو أنها دخلت في لعبة نتفليكس، وتأثرت بالمنافسة التي فرضتها بسبب هذه النوعية من التابوهات، ومن إنتاجاتها وعروضها حول نفس الموضوع مسلسل الأكشن البوليسي Poison، الذي يحكي قصة سجين يسعى للانتقام بعد خروجه من السجن، ويقع في حب رجل آخر.

و سنة 2021، أعادت نفس القناة الكرة مع عمل آخر عنوانه His Story، يبدو أن قناة زي 5، تريد جعل الأمر محليا، وهنديا، دون الاستعاناة بنتفليكس و بقية المنصات.

هناك مسلسل صادم آخر، من إنتاج ALTBalaji التي عرضته على منصتها، والذي يتحدث عن علاقة ثلاثية بين إمرأة ورجلين، القصة صادمة جدا، كما المشاهد.

المثلية الجنسية، فعلا واقع تعيشه كل المجتمعات، والأرقام التي لا تقال، أكبر كارثية من التي يتم التصريح عنها، والبعض يظننا نتحدث عن المخنثين أو أصحاب الميول الأنثوية، أو المتحولين، وهم جزء من المثلية أو تطور للمثلية، كالمتحولين شكلا، أو المتحولين عضويا، بينما المثلية المنتشرة في أغلب المجتمعات، هي أوسع من حيث المعنى وأكثر تنوعا، وليس لديها نمط معين، تقريبا، علماء النفس والاجتماع يستطيعون التحدث في الموضوع أحسن مني، لأن الناس يتعاملون مع كل شيء بنمطية، مثلمها لديهم صورة نمطية عن السينما الهندية، الكثير منهم أيضا، لديهم صورة نمطية عن الشخص المثلي، وهو ما تحاول ربما نتفليكس قوله للجمهور، وهو ما يراه البعض أمرا سلبيا، بينما يرى البعض أنه طرح غير مهني، ولا يجب أن يكون بهذه الطريقة المبالغ فيها، لأن عرض الواقع لا يعني فرض موضوع معين بمناسبة وبدون مناسبة.

في أفريل الماضي فقط، تم عرض الفيلم الهندي Cobalt Blue، على نتفليكس، عن قصة أخ وأخته، من عائلة هندية مهارتية تقليدية،  يقعان في حب نفس الرجل، الموضوع صادم، و جرعة الصدمة مع نتفليكس لا يبدو أنها سوف تتوقف، بل هي تزيد مع الوقت، وتقوم بقية المنصات والفضائيات بمحاكاتها، ومنافستها.

تاريخ النشر أول مرة: 13 جوان 2022

الحوار المتمدن/

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=759091&fbclid=IwAR1EGV5VyUtcWaPTVTc2YAm6GsvoumKPYXloW2J5uH4UkphDQU0GrBwG6Rk

المثقف/

https://www.almothaqaf.com/e3/963396-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AB%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%86%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%84%D9%81%D8%B2%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9?fbclid=IwAR20wjU_JQtNgSd-POqH6MUUr2KtOwj0mggiUmL6_KEpylhV5dlnKSkHpzQ

 صوت العراق/

https://www.sotaliraq.com/2022/06/13/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ab%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%86%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a7/?fbclid=IwAR2k3f3NsrpwcSlG3KkBdpJgC8bWeYe3Ac5VJY8k9RKxfCqyJwa9DFEAOQ8