
هي واحدة من
أهم ثوابت صناعة الأفلام الهندية في مومباي، قدسية الزوجة و الأم، و مكانتها
الكبيرة في كل قصص الأفلام الهندية على مدى أكثر من مئة سنة من عمر السينما في
الهند.
قدسية العلاقة
الزوجية و الأم و الوطن و الدين، هي من الثوابت الراسخة في السينما الهندية، و
التي لا تكسر إلا نادرا، و إن حدث و حصل ذلك، سوف يكون مصير الفيلم الفشل أو يكون
الفيلم نفسه سببا في انتقادات الصحافة، أو حتى احتجاجات و أعمال شغب لو تعلق الأمر
بثوابت دينية.
هي تابوهات
لا يجب تغيير صورتها النمطية إلا من طرف مخرج جرىء و منتج مغامر.
ثوابت بوليود
تحدثت عنها في مقال سابق، لكني هنا، سوف أتعرض لبعض الأفلام الهندية التي كرست
مفهوم قدسية الزوجة و الأم و رفضت صورة الزوجة الخائنة.
لا يمكن حصر
جميع الأفلام التي طرحت هذه القضية في مقال واحد، فالهند بكل سينماتها المختلفة
(بوليود و سينمات الجنوب الأخرى) تنتج سنويا حسب ما يقال ما يقارب أو يزيد عن ألف
فيلم، و هي سينما عمرها يفوق المئة سنة، منذ ظهور السينما الصامتة لغاية يومنا
هذا.
لذلك، سوف
أتعرض هنا لبعض الأفلام البوليودية المعروفة و التي تم إنتاجها في فترات متقاربة
حول نفس القضية.
- فيلم Fareb : تم إنتاجه سنة 2005، غير
معروف كثيرا مثل الأفلام التي نجحت في تلك الفترة، من إخراج Deepak Tijori و بطولة الأختين شيلبا شيتي و
شاميتا شيتي، و Manoj
Bajpai، شيلبا تلعب دور الزوجة الوفية التي تقتل
الزوجة الخائنة (شاميتا)، و في النهاية تنجو البطلة بفعلتها و تستمر في الحياة
بصفة عادية، رغم قتلها لعشيقة زوجها، و هي نتيجة واضحة و تحصيل حاصل لنظرة بوليود
النمطية المقدسة للعلاقة الزوجية و للزوجة خاصة.
تم إسناد دور الزوجة
الخائنة للممثلة شاميتا شيتي لأنها و للأسف منذ بدايتها تم حصرها في دور الفتاة
الدلوعة أو المرأة اللعوب، التي تلبس لباسا متحررا و تحاول إغراء الجميع، و هو أمر
قضى على مشوارها الفني، و جعلها أقل حظا من أختها الكبرى شيلبا التي كانت من نجوم
الصف الأول في بوليود لسنوات.
- فيلم Bewafaa : المنتج سنة 2005 أيضا، كان
لافتا لنظر جمهور بوليود أكثر من سابقه، من إخراج Dharmesh Darshan الذي شارك في كتابة القصة، و
من إنتاج المنتج المعروف بوني كابور، أخ بطل الفيلم أنيل كابور، و شاركته البطولة
ملكة جمال الكون لسنة 1994 سوشميتا سن و أكشاي كومار، و كارينا كابور التي كانت في
بداياتها، لكنها أتقنت دور الخالة التي تصبح زوجة الأب، بعد زواجها من أرمل أختها
المتوفاة.
في الفيلم، كارينا
كانت حبيبة أكشاي، لكن وفاة أختها (سوشميتا) بعد إنجابها لبنتين توأمين، جعلها
تجبر على الارتباط بزوج أختها لتربية البنتين.
يغيب حبيبها بعد هذا
الزواج، لكنه يعود بعد سنوات مصرا على استعادة حبه المسروق منه، لكنها (كارينا)
تقول له عبارة هي ملخص الفيلم، و هي خلاصة رأي صناع السينما في الهند اتجاه
الخيانة الزوجية: "المرأة ممكن تكون خائنة، لكن الأم لا يمكن أبدا أن
تخون".
و هي نفس الخلاصة
التي تنتهي بها إحدى قصص فيلم:
- Life in a... Metro و هو فيلم يشبه الأنطولوجيا،
حيث يجمع عديد القصص في فيلم واحد، أبطاله شخصيات منفصلة و متصلة مع بعضها في نفس
الوقت، بطريقة مباشرة و غير مباشرة أحيانا، من بين تلك القصص، قصة بطلتها شيلبا
شيتي الزوجة و الأم البائسة التي تعاني من إهمال زوجها ( الممثل Kay Kay Menon) و خيانته لها مع عشيقته
(الممثلة كانغانا راينوت)، فتتعرف شيلبا بالصدفة على رجل (الممثل Shiney Ahuja) تجد عنده الحب المفقود في حياتها،
و تقرر الهروب معه و ترك منزلها و زوجها، لكنها تتراجع في الأخير، كموقف صريح و
واضح يرفض أن تكون الأم و الزوجة خائنة.
الفيلم تم إنتاجه
سنة 2007، من إخراج السينمائي المعروف: Anurag Basu و هو نفسه الذي كتب القصة و
السيناريو.
- فيلم Jurm : هو فيلم جريمة و إثارة و
غموض، حبكته تعتمد على مفاجأة المشاهد بما هو غير متوقع، تم إنتاجه سنة 2005، من
إخراج: Vikram
Bhatt ، الفيلم نجح قليلا جماهيريا و لفت
الانتباه لبطلته لارا دوتا التي كانت في بداياتها، بعد انتخابها كملكة جمال الكون
سنة 2000، و هي التي لعبت دور الزوجة الخائنة لزوجها الطيب (الممثل بوبي ديول)، و التي تكون
نهايتها سيئة جدا، السجن بتهمة قتل لم ترتكبها.
لا تزال بوليود في
مجمل أفلامها محافظة على هذه النظرة للخيانة الزوجية، رغم جرأة القليل من
السينمائيين على خوض تجارب مختلفة، لعل أشهرها عند الجمهور هي ما فعله كاران جوهر
سنة 2006 في فيلمه الشهير Kabhi Alvida Naa Kehna الذي قدم
فيه الخيانة الزوجية بطريقة مختلفة تماما، محاولا إيجاد المبررات الواقعية
الإجتماعية و النفسية لما فعله أبطال الفيلم، و هو ما جعله عرضة للكثير من
الانتقادات من الجمهور و الصحافة الفنية في الهند، و مع ذلك نجح الفيلم، و يعتبر
بصمة واضحة في تاريخ بوليود.
تاريخ النشر أول مرة: جريدة الدستور العراقية/ 20 جانفي 2022/ العدد: 5178