أعاد فيلم
شيرشاه للواجهة الصراع الهندي الباكستاني لشاشات السينما، بعد أن شهد الوسط
السينمائي في بوليود في السنوات الاخيرة نوعا من الميل نحو الترويج للتعايش السلمي
بين البلدين، و التوقف عن الترويج السلبي لباكستان و شيطنتها في الأفلام.
لكن، يبدو أن
عقدة باكستان، لن تشفى منها بوليود تماما، كما لم تشفى هوليود من عقدة الروسي و
الألماني و اللاتيني و العربي و الإسلامي......
الفيلم
تاريخي محلمي حربي، مستوحى من قصى حقيقية مع بعض المبالغات و التوابل البوليودية
المعتادة، خاصة لما يتعلق الأمر بتوظيف الصراع بين البلدين في السينما.
لكن و مع
ذلك، من الناحية الفنية، الفيلم منجز بطريقة جيدة و كل عناصره منسجمة مع بعضها، القصة
بسيطة حيث يبدو الشرير واضحا جدا كما يبدو الطيب أيضا، يعني هو فيلم يقسم الناس
لأبيض و أسود، هي قصة تعتمد على السرد
العادي و المتتالي للأحداث، لكن أول مشهد للفيلم كان هو آخر معركة بالقصة، حيث يتم
بث لحظات منها، ثم تبدأ الأحداث من طفولة البطل لغاية سقوطه في المعركة.
هي قصة جندي
هندي برتبة ملازم، ربح عدة معارك منذ التحاقه بالجيش، لغاية معركته الأخيرة الذي سقط
فيها و تغلب فيها هو و كتيبته على الجيش الباكستاني في الحرب المعروفة بين البلدين
سنة 1999 بإسم حرب كارجيل، و التي وقعت في مقاطعة كارجيل التابعة لمنطقة كشمير
المتنازع عليها منذ انفصال الهند و باكستان سنة 1947.
الحقائق
التاريخية التي وردت في الفيلم يقول الجانب الهندي أنها صحيحة، بينما ينتقدنا
الجانب الباكستاني، المتهم بتوريط المتمدرين الكشميريين و مساعدتهم أولا، ثم إدخال
الجيش الباكستاني للسيطرة على مقاطعة كارجيل.
ربما من
الأولى ترك الحقائق التاريخية للمختصين و المؤرخين السياسيين للفصل فيها، لكن من
الناحية الفنية، الفيلم من أفلام الدرجة الأولى في بوليود، تم إنتاجه و توزيعه سنة
2021 من طرف مؤسسة أمازون بالشراكة مع شركات هندية أخرى أهمها Dharma Productions لصاحبها ياش جوهر و ابنه
كاران جوهر، و شركة Kaash
Entertainment.
اعتمد مخرج الفيلم Vishnuvardhan على تصوير بعض المعارك بطريقة
الكاميرا المتحركة، مثل الفيلم الهوليوودي Saving
Private Ryan، الذي رأينا فيه ربما للمرة الأولى هذه الطريقة الواقعية في تصوير
المعارك في الأفلام، و الأكشن في الفيلم كان جيدا، و مقنعا، بدون مبالغات أو حركات
غير واقعية.
كما احتوى الفيلم على 4 أغاني قصيرة، كانت
كلها مدمجة مع الأحداث كخلفية موسيقية، و هو أمر أصبح يتكرر كثيرا في الأفلام الهندية
التي لا يستدعي مضمونها استعراضات و أغاني بالطريقة النمطية المعتادة.
خاصة مشهد مراسيم جنازة البطل في آخر الفيلم،
كان مؤثرا جدا و يلعب على عواطف المشاهد، أغنية حزينة و دموع الأم على ابنها و ركض
زوجته التي وصلت متأخرة لمكان المراسيم، المشهد و الفيلم ككل هو تكريم للجندي
فيكرام باترا و زملائه من الكتيبة رقم 13 ممن سقطوا في حرب كارجيل.
الفيلم هو ترويج مباشر و صريح لملائكية
الجانب الهندي و شيطنة الجانب الباكستاني، بطريقة مباشرة و مقصودة لكن منجزة
بمنطقية و بساطة، أفضل من أفلام أخرى أنتجتها السينما الهندية بخصوص هذا الصراع.
مثلا، بعد المعركة الأولى، رفض الجيش
الباكستاني استلام جثث قتلاه، فقام الجيش الهندي بتسليمهم لهم و أقام لهم مراسيم
دفن إسلامية.
كما يظهر العلم الباكستاني في المعركة
الأخيرة ملقى على الأرض، لكن لم يدس عليه و لا جندي هندي، كلهم مروا عليه دون
الدوس عليه.
يبرز الفيلم شرائح المجتمع الهندي التي
تتعايش مع بعضها البعض، هندوس و سيخ و مسلمين، رغم أن والد البطلة السيخي رفض
ارتباط ابنته بالبطل لأنه هندوسي، و بصفة عامة بوليود تميل للهندوسية أكثر من أي
ديانة أخرى، رغم مراعاتها لمشاعر الطائفة السيخية، لكن بوليود هندوسية.
نقطة أخرى تعتبر كمؤشر على ملائكية الجيش
الهندي، هو عدم سقوط أي مدني خلال تلك المعارك، حتى التي درات وقائعها في الأحياء
و داخل المنازل الكشميرية.
في الفيلم مؤشر صغير على أن السينما جزء غير
منفصل في الصراع الهندي الباكستاني، لما قتل البطل أحد جنود باكستان، قال له خذ
هدية من "مادهوري ديسكيت".
و تاريخ السينما
الهندية على مدى 100 سنة، يثبت فعلا أنها كانت طيلة مشوارها صناعة في خدمة هذا
الصراع.
جريدة الدستور العراقية/ العدد: 5100