هي واحدة من
أشهر السينمات في العالم، السينما الهندية الساحرة، المثيرة للجدل، المبهرة،
المدهشة، و المثيرة للسخرية و التنمر أحيانا، هي سينما متناقضة و متنوعة تماما مثل
البلد الذي تمثله، الهند بلد التناقضات و الاختلافات الغريبة.
لكن للحديث عن صناعة عمرها تقريبا هو عمر اكتشاف
السينما من طرف الأخوين لوميير (Auguste - Louis Lumière) لن تكفي مجلة واحدة،
فما بالك بمقال واحد.
لذلك هي
وقفات و لمحات سريعة و إن بدت غنية بالمعلومات و مليئة بألوان الهند الزاهية و
المختلفة.
نقول سينمات
هندية، لأن الهند فيها عدة سينمات، فالسينما المتداولة كثيرا لدى الجمهور و
المعروفة هي بوليود (Bollywood)، الصناعة السينمائية
المتمركزة في مدينة بومباي (مومباي حاليا)، لكن للهند عدة صناعات سنيمائية أخرى
تعرف بسينما الجنوب، كل واحدة منها خاصة بمنطقة أو بإقليم معين، و بالتالي فهي
تختلف من حيث اللغة المستعملة خاصة، و تتشابه فيما بينها من حيث الشكل، حيث تبدو
للوهلة الأولى و كأنها من أفلام بوليود، لكن هذه الأخيرة هي الأكثر شهرة و
احترافية و قدرة على الوصول للعالمية حاليا، حيث تمكنت قليلا من تحقيق معادلة (التجارة
+ الترفيه + عمق الفكرة + احترافية الإنجاز).
السينمات
الأخرى في الهند و المجهولة لدى الكثيرين هي:
-
سينما التاميل (Kollywood)
-
سنيما التولوغو (Tollywood)
-
سنيما المالايام (Mollywood)
-
سينما الكانادا (Sandalwood)
-
سينما التـولـو (Coastalwood)
المتداول لدى
بعض الناس من أفكار حول هذه السينمات أن الأفلام الهندية هي مرادف للمبالغة
الشديدة و أفلام الأكشن الرديئة و الرومانسية الخيالية و الاستعراضات و الغناء و
الرقص، هو رأي لا يخلو من بعض الحقيقة، لكن واقع السينما الهندية الحالية هو أكبر
من أن يحصر في جانب أفلام الإثارة و الحركة أو الغناء و الاستعراض.
اليوم
بوليود، تنافس الأفلام الأجنبية أحيانا على أوسكار أحسن فيلم أجنبي، أفلام عالمية
كبيرة أنجزت باحترافية كبيرة محافظة على بعض توابل الهند العريقة في السينما و
مجددة نفسها بعوامل كثيرة، ترشح كل عام لنيل جوائز الأكاديمية لأحسن فيلم أجنبي،
بعضها يقبل في القائمة النهائية للترشيحات، مثل أفلام:
-
Mother India المنتج 1957 (القائمة النهائية لسنة 1957)
-
Salaam Bombay
المنتج سنة 1988 هو إنتاج مشترك بريطاني فرنسي هندي لكنه يعتبر فيلما هنديا
(القائمة النهائية لسنة 1988)
-
Jeans المنتج سنة 1998 (القائمة المقترحة لسنة 1998)
-
1947 Earth
المنتج سنة 1998 (القائمة المقترحة لسنة 1999)
-
Lagaan المنتج سنة 2001 (القائمة النهائية لسنة 2001)
-
Devdas المنتج سنة 2002 (القائمة المقترحة لسنة 2002)
: ديفداس، الرواية التي تمثل بالنسبة للهنود ما يمثله قيس و ليلى عند العرب، أو
روميو و جوليات عند الغرب.
ديفداس أنتجته الهند عدة مرات، كلها
كانت علامات فارقة في السينما الهندية، و آخرها ديفداس
2002 الفيلم الذي فتح الباب واسعا للسينما الهندية نحو
العالمية.
-
Gully Boy
المنتج سنة 2019 (القائمة المقترحة لسنة 2019)
و بعض
الأفلام الهندية وصل لشباك التذاكر الأمريكي و نافس قليلا على قائمة البوكس أوفيس
هناك مثل: - Kabhi Khushi Kabhie Gham المنتج سنة 2001: هو فيلم شهير
جدا و يعد الآن من كلاسيكيات بوليود خلال ما عرف بالموجة الجديدة في السينما
الهندية، و التي بدأت مع بداية تسعينات
القرن الماضي و استمرت حتى لبداية الألفية الجديدة، و تميزت بتجديد ثوب السينما
الهندية و تعدد مواضيعها و جرأة المواضيع المطروحة و العمل أكثر على محاكاة هوليود
شكلا مع المحافظة على بهارات الهند و خصوصية الصناعة السينمائية الهندية.
- My
Name Is Khan المنتج سنة 2010: و الذي يتحدث عن قصة هندي مسلم مغترب بأمريكا
مصاب بالتوحد، و لفت الفيلم أنظار الكثير من المشاهدين غير المتابعين لبوليود، و
يعد من أهم أفلام المخرج و المنتج
Karan Johar .
- Dhoom 3 المنتج سنة 2013: و هو
الجزء الثالث من الفيلم الهندي المعروف، فيه الكثير من الحركة و الإثارة و
الاستعراضات الكبيرة.
خلال فترة الموجة الجديدة استمرت الهند في إنتاج الأفلام
الدرامية و الرومانسية و الغنائية الاستعراضية لكن بإنتاجات ضخمة و مبهرة جعلتها
الرائدة في تصميم و تصوير الاستعراضات الغنائية في العالم.
كما طرحت السينما الهندية خلال الموجة الجديدة مواضيع جريئة لم
تكن تتوقف عندها كثيرا سابقا، مثل المثلية الجنسية (Dostana)، و الخيانة الزوجية بمنظور
مغاير للضحية و للخائن (Kabhi Alvida Naa Kehna)، الأمهات البديلات و تأجير
الأرحام (Filhaal )، حقوق
الأطفال و حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (Taare Zameen Par) (Hichki)، الموت الرحيم (Guzaarish).................
و بدأت حاليا السينما
الهندية في الابتعاد عن توظيف الصراع الهندي الباكستاني بطريقة ساذجة و مباشرة
مثلما كانت تفعل طيلة مائة عام و أكثر من مسيرتها.
للسينما الهندية مثل
العربية، فترة يمكن أن نسميها الزمن الجميل لبوليود، زمن الأبيض و
الأسود في الهند، مرورا بالفترات اللاحقة بعدها، و التي أنتجت عمالقة الفن الهندي
السينمائي.
أفلام الأبيض
و الأسود الهندية (بوليود خاصة) كانت حالمة، رقيقة، عائلية، مليئة بالمشاعر
البريئة و العميقة، تقديس الأم و الأرض، تعظيم رابطة الزواج، و هي بعض من التوابل
الهندية السينمائية الثابتة و الراسخة التي استمرت لليوم في أغلب الأفلام، و في
مرات نادرة فقط تغيرت و تم التعدي عليها (حسب الرأي العام) من طرف بعض المبدعين
المغامرين مثل المخرج Sanjay Leela Bhansali و السينمائي المعروف و الحاضر بقوة Karan Johar.
و لا يمكن
الحديث عن السينما الهندية القديمة دون التطرق إلى Raj Kapoor، الرائد الأشهر في
صناعة الأفلام بالهند، و الذي أكمل مسيرة والده Prithviraj Kapoor لإنشاء عائلة فنية
كبيرة و مسيطرة على بوليود لغاية يومنا هذا.
و موضوع
العائلات المسيطرة على السينما بالهند عاد ليطرح بقوة مؤخرا بعد انتحار الممثل Sushant Singh
Rajput، و هي مأساة أخرى تضاف لقائمة الجوانب الخفية في السينما الهندية.
لذلك قد يتغير المشهد السينمائي
الهندي في بعض تفاصيله في الفترة القادمة، خاصة و أن بوليود حاليا تعرف ما يمكن ان
نعتبره ازمة في النجمات الجديدات، و اللواتي أغلبهن أنصاف مواهب من أبناء العائلات
الفنية، مع عدم مقدرة الجيل الذي قبلهن من تحقيق النجاح المنتظر مثل Sonam Kapoor، و مع التقاعد المتقطع لنجمات التسعينات و
العشرية الأولى من الألفية الثالثة، مثل: Kajol، Aishwarya Rai ، Rani Mukherjee ، Kareena Kapoor، و انشغال Priyanka Chopra بالتواجد الهوليودي، و انشغال
زميلتها Deepika
Padukone بحملها، و بالمقابل تعرف الساحة الهندية مواهبة
جديرة بالنجاح من النجوم الشباب، سوءا الجيل الجديد: Varun Dhawan، Sidharth
Malhotra، أو الذي قبله: Ranbir Kapoor، Ranveer
Singh ........
الترفيه الذي
يعاير الكثيرون به السينما الهندية هو في الواقع صفة تميزت بها الأفلام الهندية و
أتقنتها منذ البداية و طورتها مع مرور الوقت، و ما نراه اليوم من تنوع في الأفلام
الهندية هو نتيجة لمسيرة طويلة عمرها كما ذكرت سابقا، هو من عمر اكتشاف السينما
تقريبا.
لم تتخلى
السينما الهندية عن الطابع الغنائي و الاستعراضي لأغلب أفلامها منذ ظهور السينما الناطقة
لغاية يومنا هذا، و أصبحت بوليود رائدة في مجال تصوير الاستعراضات الغنائية و
الرقصات، و هي الآن مثال يحتذى به من طرف باقي السينمات في هذا المجال، و وراء هذا
النجاح أيضا في الأفلام الغنائية الاستعراضية عدد من الثنائيات الموسيقية التي
لحنت كل تلك الموسيقى الجميلة التي نسمعها في الأفلام الهندية، و الثنائيات
الموسيقية هي ظاهرة قلما نجدها في مكان آخر، و مثلها أيضا ظاهرة مطربو البلاي باك
(Playback
singers)، و هي من أساسيات نجاح الفيلم
الهندي القديم و الحالي أيضا، حيث تستخدم الأغاني للترويج للفيلم و قد نجد بعض
الأغاني و الاستعراضات أنجح من الفيلم بحد ذاته و أكثر منه تأثيرا.
و الذي
يتساءل عن تشابه أصوات المطربين و المطربات في الأفلام الهندية، لا يعلم أنه
للسينما الهندية أسماء معينة تتكرر في أغلب الأفلام و تقريبا كل مطرب خاص بعدد من
الممثلين و لا يغيره إلا أحيانا، مثل Mukesh الذي يغني في أفلام Raj Kapoor و Udit Narayan في أفلام Shahrusk Khan.
أما الصوت
النسائي الأشهر و المعروف و المألوف لدى الجمهور هو صوت الظاهرة Lata Mangeshkar و التي تقارب مسيرتها الفنية الـ 70 عاما، حيث عاصرت
نجمات الأربعينات و الخمسينات و غنت في أدوارهن مثل Nargis و مرورا بـ Aishwarya Rai و وصولا إلى Soha
Ali Khan.
تاريخ أول نشر/ 24 جوان 2021
جريدة الدستور العراقية - العدد: 4998