jeudi 8 juin 2023

فيلم السيدة السرية.. ربة منزل عادية ضد مجرم عادي

 























بدأت الممثلة الهندية راديكا آبتي عامها السينمائي 2023 ببطولة فيلم نسائي مضموناً وإخراجاً، حيث أخرجته أنوشري ميهتا، وساهمت في إنتاجه وفي كتابة قصته، بينما شارك في البطولة: راجيش شارما و سـوميـت فـيـاس في دور قاتل نمطي يستهدف النساء الناجحات والمستقلات فكرياً.

في بداية الفيلم، تبدو بطلته "دروغا" (نسبة للآلهة دروغا زوجة الإله شيفا)، هي آخر إمرأة يمكن للقاتل استهدافها، ربة منزل خاضعة لزوجها، ومتفرغة لخدمته وخدمة والديه ورعاية ابنها، لا تشتكي أبداً، ولا تعبر عن رأيها واحتياجاتها، ولا تطالب بشيء، ولا آفاق مستقبلية في حياتها، سوى الاستمرار في ممارسة مهمتها كربة منزل، والقاتل في الفيلم يسمي نفسه "الرجل العادي"، وكأنه يقول أن سلوكه العدواني ضد المرأة المستقلة والناجحة هو تفكير مجتمع، وليس فرد واحد.

البطولة النسائية شبه مطلقة لـ راديكا آبتي، بقية الممثلات بالفيلم رغم كثرتهن، كانت لهن أدوار ثانوية أو مساعدة، وشخصيات القصة النسائية، من كل الطوائف الدينية الهندية والأعمار، كنوع من تعميم الطرح الرئيسي للفيلم، وهو فكرة تهميش المرأة الماكثة بالبيت وتهميش تطلعاتها وضرورة تمكينها من تحقيق ذاتها، وهو ما قيل صراحة على لسان شخصيات الفيلم بمن فيهم البطلة، وهي نفسها الفكرة التي تستفز القاتل وعلى أساسها يختار ضحاياه.

الظلم التي تتعرض له البطلة، قبل مواجتها للمجرم ومقاتلته، يبدأ من منزلها، من محيطها الذي يعاملها كأنها آلة يجب أن تستمر في تقديم الخدمات، والظلم تعرضت له في الصغر منذ خروجها من الميتم، وتجنيدها الإجباري في القوات الخاصة السرية، ثم تزويجها إجباريا من تاجر بنغالي، كنوع من الغطاء والتمويه الأمني الذي تستخدمه المخابرات، ليتم نسيانها فيما بعد، وعدم تكليفها بأي مهمة، لتندمج هي في حياتها البسيطة كزوجة وأم، وبعد سنوات يتم استدعاؤها للخدمة الأمنية مرة أخرى.

أحداث الفيلم في مجملها تدور في قالب كوميدي طريف، مع بعض الأكشن والمشاهد العنيفة، لكن الأشد عنفاً، هو التأمل في حياة البطلة، التي ومنذ طفولتها تجد نفسها مجبرة على السير في الطريق التي يختارها لها الآخرون، بدأً من الميتم ومروراً بالمخابرات الأمنية ووصولاً لحياتها الزوجية.

الفيلم مناصر للمرأة بشكل صريح، وكما يقال، هو فيمينست لدرجة كبيرة، لكن ما تغاضى عنه كتاب القصة، هو أن البطلة ليست ضحية أفكار زوجها الرجعية أو ضحية المجتمع الذكوري فقط، الذي يهمش حسب نظرتهم دور المرأة وخاصة الماكثة بالبيت، البطلة قبل كل هذا، هي ضحية استراتيجية دولة كاملة، اتجاه فئة الأيتام، ضحية التصرف في حياتهم واختياراتهم، وعدم الاهتمام بعواقب تلك الاختيارات، حتى لو تم نسيانها كعملية سرية لمدة 7 سنوات، ثم إجبارها على العودة وترك عائلتها وابنها.

وهذا ما أراه أحيانا يتكرر في بعض الأعمال الفنية التي تكتبها نساء يعتنقن فكر الفيمينست، حيث يتم التركيز على طرف ظالم واحد، مع أن تفاصيل بعض حالات النساء في المجتمع، تتطلب توجيه اللوم وتسليط الضوء على كل جوانب الحالة، والتي يمكن أن تكون من المتسببات فيها نساء أيضا، أو نظام دولة كاملة.

تم عرض الفيلم أول مرة في 14 أبريل 2023، على منصة شركة وقناة ZEE5، لذلك تمت قرصنته بسرعة كبيرة، وللأسف رغم أداء راديكا المبهـر والمتـقـن، إلا أن الصحافة الفنية الهندية والنقاد الهنود، لم ينصفوا الفيلم بكتاباتهم.

راديكا آبتي، ممثلة تاميلية المولد، وغير مدعومة، ليست من عائلة فنية، والداها طبيبان، لا علاقة لهما بالفن، تدرجت وبصعوبة لتحظى بالبطولة في بوليوود، ما بين سينمات الجنوب الهندي، الأفلام القصيرة، الدراما التلفزيونية، والمسرح بإقليم الماراتهي، كما لديها مسرحيات بالإنجليزية، ومشاركات لافتة في أفلام أجنبية (بريطانية وأمريكية)، وهو ربما ما جعلها بعد 2019، تحظى بأدوار بطولة حقيقية في بوليوود، مع أنها برزت من قبل في أفلام بوليوودية مثل فوبيا و Parched سنة 2016.

تاريخ النشر أول مرة: جريدة الدستور العراقية/ 08 جوان 2023/ العدد: 5596

الرابط:

https://www.addustor.com/content.php?id=22994


jeudi 1 juin 2023

DASARA سينما التيلوغو تتفوق مرة أخرى

































حققت سينما إقليم الـتـيـلوغــو نجاحاً آخر، ومستمرا، مع فيلم داسارا، المنتج سنة 2023، والصادر في 30 مارس الماضي، حيث حقق أرباحاً كبيرةً في شباك التذاكر، كما تم عرضه على منصة نتفليكس في 27 أفريل الماضي، ولاقى الكثير من التفاعل من الجمهور والنقد الإيجابي من الصحافة الفنية الهندية.

عنوان الفيلم، هو اسم مهرجان "داسارا" أو المعروف في مناطق أخرى بإسم Vijayadashami، هو احتفال ديني هندوسي أساسي في ديانتهم، تقام طقوسه مرةً في السنة، في فصل الخريف غالباً، حسب التقويم الهندوسي، ويتم خلاله حرق تمثال الشيطان أو رمز الشر رافــانــا، وهو تمثال كبير من الخشب والقش والقماش بعشرة رؤوس.

أحداث الفيلم تدور بين الاحتفال الأول عند بداية الفيلم، وتنتهي قصة الفيلم مع طقوس احتفال سنوي آخر بعد مرور أعوام  كثيرة، وبعد أن تتصاعد الأحداث وتتداخل المشاكل والتفاصيل، ما بين أكشن وعنف ورومانسية ودراما، وغناء واستعراض، هو فيلم يتضمن كل شيء اعتدنا عليه في سينمات الهند المختلفة بما فيها بوليوود، لكن بيئة الفيلم، وطريقة الطرح مختلفة عن بهرجة الأفلام النمطية.

من الواضح أن تمثال رافانا هو رمز الشرير في الفيلم، بينما بطل الفيلم هو رمز الإله رامــا الذي انتصر على الشيطان.

كما أن الحانة المسماة "سيلك" نسبة لممثلة الإغراء الجنوبية سيلك سميتا، وصورتها الكبيرة المعلقة على جدار الحانة الخارجي، هي دليل ورمز للمتعة والحرمان في نفس وقت، في بيئة هندية جنوبية منسية وبائسة، قرب أحد مناجم الفحم، حيث الفقر والخمر هما الرفيقان الدائمان لسكان تلك القرية.

يطرح الفيلم إشكالية إنعدام فرص الحياة الطبيعية بمثل تلك المناطق الهندية الجنوبية النائية، ومعها يطرح انعدام فرص الترفيه الشرعي وغير الشرعي للمواطن بمثل تلك البيئة القاسية، ليصبح شرب الخمر لدرجة السكر اليومي ومتابعة أفلام سيلك سميتا بالحانة، هما المتنفس والترفيه الوحيد المتوفر لدى سكان القرية الفقيرة.

بطل الفيلم نفسه واقع في نفس هذه المعضلة اليومية، لكن فيما بعد يتغير منحى حياته، لتتغير أهدافه، ويدخل في دوامة الصراع والانتقام، فيما يشبه قصة الإله راما ضد الشيطان رافانا.

الفيلم من إخراج Srikanth Odela، الذي شارك في كتابة القصة رفقة ثلاثة كتاب آخرين، بينما البطولة فهي لنجم التيلوغو نــانــي، مع الممثل الصاعد Dheekshith Shetty والنجمة الشابة Keerthy Suresh.

الفيلم هو إهداء لروح نجمة الإغراء الهندية الجنوبية الراحلة سيلك سميتا، واسمها الحقيقي Vijayalakshmi Vadlapati، واختيارها كرمز للمتعة والاحتفال في الفيلم كان مقصودا، لأن اسمها الحقيقي هو نفسه اسم المهرجان الديني الهندوسي داسارا Vijayalakshmi، وحياة سيلك سميتا، كانت تشبه إشكالية سكان القرية، تتأرجح بين الاستمرار في المتعة الوحيدة المتاحة وشبه الإجبارية، أو بين التوقف عنها وسط عدم وجود اختيارات أخرى، سيلك سميتا انتحرت شنقا سنة 1996، بينما نهاية الفيلم كانت أكثر تفاؤليةً من حياة سيلك سميتا الحزينة والمأساوية.

تاريخ النشر أول مرة: جريدة الدستور العراقية/ الخميس 01 جوان 2023/ العدد: 5590

الرابط:

https://www.addustor.com/content.php?id=22458