jeudi 28 mars 2024

Pathonpatham Noottandu الإقطاع في زمن الاحتلال

 
















مثل كثير من أفلام المقاومة في السينما الهندية، وفي سينمات الجنوب خاصة، وسينما المالايالام بالتحديد، صدر فيلم Pathonpatham Noottandu في قالب ملحمي درامي أقرب للواقع، مع مشاهد قاسية وجريئة حول الظلم والاستعباد الذي تعرض له الشعب الهندي في الجنوب خلال الاحتلال البريطاني، ظلمٌ سلط عليه من طرف هذا الأخير، ومن طرف الإقطاعيين الهنود، حيث أن الفيلم لا يطرح فقط فكرة مقاومة الاحتلال، بل مقاومة الإقطاعيين أبناء البلد، الذي كرسوا مظاهر الفقر والاستبداد من خلال استغلال تراث ديني قديم وموروث ثقافي تقليدي جداً، يفرض ضريبة على المرأة الفقيرة التي تغطي صدرها، أو التي تلبس رداءاً طويلاً تحت ركبتيها، وعادات وتقاليد ظالمة أخرى تصنف الطبقة الدنيا حسب خصائص معينة وشروط مشددة، مرفقةٌ كلها بضريبة ثقيلة عن كل شرط يتم الإخلال به، كأن تدفع المرأة ثمن تغطيتها لصدرها حتى تتجنب قطع ثدييها، أو ضريبة لبس الحلي في الأنف حتى لا يتم بتر أنفها.

صدر الفيلم في 22 سبتمبر 2022، القصة والسيناريو والحوار والإخراج للسينمائي Vinayan، بطولة "سيجو ويلسون" الذي لعب أهم دور رئيسي في هذه الملحمة الثورية، وربما هو أهم دور بطولة لعبه خلال مشوراه الفني الذي بدأ سنة 2010، تأرجح خلالها بين الأدوار المساعدة والبطولات الجماعية وبعض البطولات المطلقة، ومن شرق الهند، الممثلة الصاعدة وعارضة الأزياء "كايادو لوهار"، في دور لافت جداً وبطولة نسائية مميزة وبمساحة دور كبيرة، وهو حسب ما يبدو أيضاً، أهم دور لها في مشوارها السينمائي الذي بدأ منذ 3 سنوات فقط، يشارك في الفيلم كذلك عدد من الممثلين المساعدين المعروفين في موليوود وبقية سينمات الجنوب الهندي، مثل: أنوب مينون، بونام باجوا، ديبتي ساتي، تيني توم، سوديف ناير،  والسينمائي الشاب فيشنو فيناي، مع مشاركة صوتية لنجمين كبيرين من المالايالام هما "موهان لال" و "ماموثـي"، حيث أسندت لهما مهمة الراوي في الفيلم، رافق صوتاهما أحداث الفيلم منذ البداية، وهو اختيارٌ ذكيٌ من صناع هذا العمل، كان مناسباً جداً لجعل الأحداث تبدو مستواحاةً فعلاً من التاريخ الهندي في القرن 19 ميلادي، بغض النظر عن رأي المؤرخين والمختصين الذين وثقوا لتلك الفترة من تاريخ الهند.

تضمن الفيلم 5 أغان، الأغنية الأولى كانت بالشكل النمطي الهندي المعروف، وأغنيتان كانتا خلال احتفالين دينيين مع طقوس ورقصات محلية، والأغنية الأخيرة تم توظيفها كخلفية موسيقية للأحداث، بعد سقوط البطل الرئيسي في معركته ضد الإقطاعيين، أما الخامسة فتم استخدامها في اليوتيوب والنت خلال الحملة الترويجية الغنائية للفيلم قبل صدروه.

الاستعراضات في فيلم Pathonpatham Noottandu مثلها مثل الأزياء، كانت مختلفةً لحد ملحوظ جداً عما نراه في بوليوود، بحكم اختلاف عادات وتقاليد الأقاليم الهندية، خاصة في القرن 19، حيث كان لكل إقليم خصوصيةٌ شبه ثابتة في كل المجالات، الدين، اللغة، اللباس، الأعراف والقوانين الموثقة أو غير الرسمية، في الجنوب الهندي اللباس التقليدي النسائي أو الرجالي، على اختلاف الطبقات الاجتماعية، يكون عار أكثر من لباس سكان الشمال.

حقق الفيلم في شباك التذاكر ما لا يتعدى الـ 8 كرور، مع ميزانية تقدر بـ 15 كرور،  واقتصرت الجوائز التي فاز بها على مهرجانات إقليم المالايالام فقط، وهذه من بين المشاكل التي تواجهها موليوود، وهو عدم الانتشار في الهند، وعدم إقبال جمهور بقية الأقاليم على الأفلام الناطقة بلغة المالايالام، وعالميا الأمر أيضا غير منصف أبداً، حيث يقبل الجمهور العالمي بما فيها العربي، على بوليوود بحكم أنها الأشهر سابقا وحالياً من بين كل سينمات الهند، وإن كان بعض النقاد العرب يتحدثون دائماً عن سينما البنغال أكثر، نظراً لشهرة السينمائي ساتياجيت راي كرائد للواقعية الهندية، مع أن الواقعية الهندية حالياً أراها متوفرةً أكثر في أفلام المالايالام.


تاريخ النشر أول مرة: جريدة الدستور العراقية/ الخميس 28-03-2024/ العدد: 5840
الرابط:

lundi 4 mars 2024

فيلم "لال سينغ تشادها" نسخة بوليوودية علمانية لفيلم "فورست غامب"

 









كان فيلم "لال سينغ تشادها" للمخرج "أدفايت تشاندان"، ضحية مقارنة ظالمة وغير عادلة مع الفيلم الأصلي الأمريكي "فورست غامب"، الذي لعب بطولته توم هانكس، حتى قبل أن يبدأ عرض الفيلم في 11 أغسطس 2022، بدأت المقارنة بين الفيملين والبطلين، وبين هوليوود وبوليوود في بعض الأحيان، ونوعية الأفلام وجودتها بين هذه وتلك.

لذلك، أحد أسباب فشل الفيلم هو هذه المقارنة المبكرة جداً، التي بدأت مع انتشار خبر إنجاز الفيلم، واستمرت مع الحملة الترويجية التي سبقت العرض، ورافقت التريلر الرسمي للفيلم الذي عرض بعض المشاهد واللقطات السريعة، مما أدى لظهور أحكام مسبقة متسرعة وغير منصفة للفيلم، وأنا شخصياً وقعت في هذا الفخ، حيث كانت بعض مشاهد التريلر تركز على تعابير وجه "عامر خان"، والتي بدت كأنها مبالغة منه وتكراراً لدور الغبي أو الشخص المتأخر ذهنيا، خاصة وأنه قام بتمثيل هذه الشخصية في أفلام سابقة، مثل "دووم3" و 3 Idiots، حيث أجمعت بعض الآراء في السوشيل ميديا العربية، على أن أداء عامر خان للشخصية كان "أوفــر" بالمصطلح الإنجليزي المنتشر بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن، بعد متابعة الفيلم، أصبحت لديّ نظرة مختلفة لدرجة كبيرة، وأكثر وضوحاً وإنصافاً للفيلم ولبطله، حيث كانت تعابير الوجه المبالغ فيها، وحركات وتفاصيل الشخصية الغبية المتأخرة ذهنياً واجتماعياً، ليست بذلك السوء الذي كنا نتصوره من خلال المشاهد الترويجية، بل في الغالب كانت متناسقة مع القصة وأحداثها، ربما استخدام عامر خان المتكرر لتحريك رأسه وتعابير عينيه لإقناع المشاهد بالشخصية الغبية، هو من جعله يبدو غير موفق في الدور مقارنةً بـ توم هانكس، الذي أدى الشخصية بطريقة مختلفة.

ما انتقده الكثيرون أيضاً في هذا الفيلم، هو اقتباس المشاهد واللقطات حرفيا وبكل تفاصيلها من الفيلم الأصلي، من البداية لغاية نهاية الفيلم، ولكن رغم ذلك، الشكل العام للفيلم هندي، والبيئة والشخصيات هندية بإمتياز، كما أن النسخة الهندية كانت أكثر حزناً ودراميةً، ومتخمةً بالمشاعر والعواطف، وهو أمر متوقع في الغالب من بوليوود لما تقوم بإنتاج نسخ عن أفلام أجنبية، حيث تعمل على أن تنصهر القصة الأصلية في البيئة الهندية وتوابلها السينمائية، لدرجة أنه أحياناً تبدو أنها قصة هندية وغير مقتبسة أبداً.

الممثلة "كارينا كابور"، كانت موفقة في دورها، كبطلة مساعدة، لم يكن لدورها مساحة كبيرة مقارنةً بالبطل المطلق للفيلم "عامر خان"، لكن دور كارينا مؤثر ومحوري في القصة، ومثله أيضاً الدور الثانوي للممثل الجنوبي "ناغا شايطانيا" في شخصية الجندي رفيق الكفاح الذي قتل في حرب كارغيل، والممثلة "مونا سينغ" في دور والدة البطل.

تدور أحداث الفيلم عبر مراحل تاريخية حقيقية مرت بها الهند سياسياً واجتماعياً، لعل أهمها، والتي كانت أيضا سببا في فشل الفيلم: حادثة اغتيال رئيسة وزراء الهند "أنديرا غاندي" سنة 1984، واندلاع أعمال الشغب والعنف ضد طائفة السيخ بسبب اتهامهم بتدبير عملية الاغتيال، تنفيذ قرار هدم مسجد البابري سنة 1992، بحجة أنه كان مشيداً على أرض هندوسية مقدسة، وما تبعه من أعمال احتجاج وشغب في الشارع الهندي من طرف المسلمين، حرب كارغيل سنة 1999 بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير، وهي الأحداث التي تم توظيفها لشيطنة دولة باكستان والحركات الإسلامية فيها، المتهمة حسب قصة الفيلم بغسل أدمغة الشباب بالأفكار الدينية المتطرفة، وكأن المشكل بين الهند وباكستان هو الجماعات الإسلامية المتطرفة، وليس مشكلاً تاريخياً قديماً حول تبعية إقليم كشمير المتنازع عليه منذ 1947 لغاية اليوم.

بإستثناء هذا التوظيف السلبي للصراع الهندي الباكستاني في الفيلم، بقية الأحداث التاريخية التي تم عرضها في الفيلم، يبدو أنها لم تعجب الأغلبية الهندوسية، المتهمة بمحاولة تطهير عرقي ضد السيخ بعد اغتيال أنديرا غاندي، والمتهمة أيضاً بهدم مسجد البابري، مما استفز الأقلية المسلمة للقيام بأعمال الشغب والتسبب في الفوضى خلال تلك الفترة.

لذلك، أرى أن أهم سبب لفشل الفيلم، ليس فقط تقليده التام للفيلم الأمريكي الأصلي، ومواجهته لمقارنة مباشرة غير منصفة معه، وإنما السبب الأكثر تأثيراً حسب رأيي، هو عدم رضا الأغلبية الهندوسية على ما ورد في هذا العمل، فكان الفيلم ضحية علمانيته، ومحاولته عرض الحقائق التاريخية الداخلية بدون مجاملة أي طائفة أو الميل اتجاهها، فحقق إيرادات لا تتجاوز 130 كرور وبميزانية تقدر بـ 180 كرور.